العرب وبعث خفية لقبيلته وهو بمراكش فأتوه في أربعين ألف فارس كلهم شبّان في أثناء سنة سبع وخمسين من السادس (١) فصيّرهم جندا له في الدرجة الثانية. لأن الدرجة الأولى هي أهل تنمليل ، والثانية كومة ، والثالثة الأتباع ، وأدناهم منه بطانة يركبون وراءه ويقفون على رأسه ويمشون بين يديه وقد تمهدت / له العدوتان (ص ٧٦) وبسط فيهما العدل حتى صارت المرأة تمشي وحدها حاملة معها ما تحبه من سوس الأقصا (كذا) إلى برقة فلا يتعرض لها أحد ولا يكلمها بسوء. وكذا حفيده المنصور في أيامه مثله وقد ابتدأه المرض الذي مات منه في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة (٢) بمدينة سلا حال تجهيزه الجيوش للغزو فنزل برباط الفتح وقد اجتمع عليه من القبائل ما يزيد على ثلاثمائة ألف ومن المطاوعة ثمانون ألف فارس ومائة فارس راجل وانتشرت محلته بسلا من موضع يقال له غيولة إلى موضع يقال له عين خميس. فتوفي ليلة الثلاثاء وقت الفجر ثامن جمادى الثانية تلك السنة (٣) عن ثلاث أو أربع وستين سنة بعد ما ملك ثلاثا وثلاثين سنة وخمسة أشهر وعشرين يوما فحمل لتنمليل ودفن بجانب قبر شيخه المهدي. وإلى كون الموحدين ملكوا وهران في وسط السادس أشار الحافظ أبو راس في سينيته بقوله :
موحدون أتوا من بعد ذا وعلو |
|
استحوذوا عليها في وسط السادس |
ثم ملكها بعده ابنه يوسف بن عبد المؤمن بن علي الكومي. وكان عالما صالحا منزّها عن سفك الدماء وهو أول من جاز بنفسه من ملوك الموحدين لغزو الأندلس وقيل أبوه قبله ملك بالمغرب من سويقة مطكوك قاصية إفريقية إلى وراء نون بأقصا سوس إلى آخر بلاد القبلة وبالأندلس من تطليت قاصية شرقي الأندلس إلى آخر غربي الأندلس. وهو الذي بنا (كذا) قنطرة تانسيفت سنة ست / (ص ٧٧) وستين (٤) منه وكذا القصبة وغيرها وأتى بالماء لإشبيلية من قلعة جابر. كل ذلك
__________________
(١) الموافق ١١٦١ ـ ١١٦٢ م.
(٢) الموافق ١١٦٣ م.
(٣) الموافق ١٤ ماي ١١٦٣ م.
(٤) الموافق ١١٧١ ـ ١١٧٢ م.