الفاشي المتواتر تفيد العلم إجماعا. وقال ابن القاسم يقطع بالنسب وإن لم يعلم الأصل ، وقال بعض قضاة المتكلمين خبر الواحد إذا اختفت به القرائن أفاد العلم. فإن روعي في إثبات هذا النسب الشريف الشهادة ، فلا شهادة أعدل من قبل الأصل المشتمل على مشيب وشبان رؤساء ومرؤسين رجال ونساء من بني عبد الوادي كرام القوم وعيانهم يعرفون أصلهم ويدينون بصحبة منتماهم الهاشمي. وإن اكتفي فيه بالسماع الفاشي فأمره في المشارق والمغارب مشهور في لسان الوالي والصدوق والعدو شأنهم معترف به. وأخبرت بحضرة تلمسان دار أولهم وآخرهم عرفان الشمس المعروفة ، فهو إذا أظهر من أن يخفى وأوضح من أن يجحد.
وهل يبقى على الأذهان شيء |
|
إذا احتاج النهار إلى دليل |
وقال ابن خلدون : كان يغمراسن بن زيان يرفع نسبه إلى إدريس ثم يقول إن كان هذا صحيحا نفعنا في الآخرة وأما الدنيا فنلناها بأسيافنا ه.
وقد ألّف / الحافظ التنسي في شرفهم كتابا سماه : نظم الدرر والعقيان ، في (ص ٩٥) شرف بني زيان. وكذا الحافظ أبو راس كتابا سماه : العجالة. وذكر شرفهم صاحب بغية الرواد ، وأثمد الأبصار ، وجواهر الأسرار ، وغيرهم من الأئمة. وسبب مصير الملك إليهم أن بني عبد المؤمن لما ضعف أمرهم بما بينهم من الفرقة تطاول بنو عبد الوادي إلى الاستيلاء على قطر تلمسان لقربهم منها فجاسوا خلالها وأوجفوا عليها بالخيل والركاب واحتاز كل منهم جانبا من القطر وأمّن أهله على خراج يؤديه إليه كل سنة ، وأمرهم إلى كبيرهم جابر بن يوسف بن عم زيان والد يغمراسن بن زيان وكان وإلى تلمسان أبو سعيد عثمان بن يعقوب المنصور لأخيه المأمون إدريس بن المنصور فاحتال على جماعة من رؤسائهم بإغراء الحسن بن حيون فأخذهم واعتقلهم بدار الريح من القصر القديم وبعد مدة شفع فيهم إبراهيم بن إسماعيل بن غيلان اللمتوني فردّت شفاعته فأنف وجمع قومه وهجم عليهم وسرحهم وقتل الحسن بن حيّون واعتقل الأمير أبا سعيد موضعهم وخلع طاعة المومنية (١) وتطاول لإحياء اللمتونية وسولت له نفسه أنه لا يتأتى له إلّا
__________________
(١) يقصد طاعة بني عبد المؤمن الموحدين.