سنة خمس وأربعين من السابع (١) بجيوش فيها ثلاثون ألف رام من المشاة فضلا عن غيرهم وأحاط بها فكان الهرّ مع صغر جرمه تأتيه العشرون سهما فأكثر فخرج منها يغمراسن بجيشه وقد أفرج له لشدة بأسه وصعد لبني ورنيد ودخلها الحفصي وعرضها على ولاته فأبوا خشية من يغمراسن فاصطلح معه ورجع كل لموضعه واتفقا معا على عداوة بني عبد المؤمن فسمع السعيد بذلك فأقسم لا بد يملك مملكتهما معا ونهض من مراكش يجرّ الأمم العظيمة والبحور الزاخرات من الجيوش وساعدته على ذلك بنو مرين فانجاز يغمراسن لحصن تمزريدت الغربية جنوب وجدة بجبل بني ورنيد وحاصره فيها السعيد بعد أن نزل بوادي سلي وسأل منه الدخول في طاعته فأبى فزحف له وتعلق بالجبل محرّضا على الهجوم فتعرض له يغمراسن للقتال ونصره الله عليه فقتل السعيد على يد يوسف ابن خزرون وأوتي له برأسه فأدخله على أمه لكونها أمرته بطاعته فأبى وأقسم لها أن يأتيها برأسه فأبر الله / قسمه وقال في ذلك الظفر الوزير أبو علي الحسن صاحب (ص ٩٨) سبتة القصيدة السينية الطويلة التي مطلعها :
بشرى بعاجل أوجب لنا العرسا |
|
وأصفر الدهر عنه بعد ما عبسا |
واستولى يغمراسن على المحلة بما فيها فكان منه العقد اليتيم وغدار زمرّد والمصحف العثماني الذي بخطّه رضياللهعنه. وكان يغمراسن دينا فاضلا محبا للأولياء والعلماء فأتى بأبي إسحاق الشيخ إبراهيم بن يخلف بن عبد السلام التنسي وأخيه أبي الحسن علي بن يخلف بن عبد السلام من تنس لتلمسان إلى أن ماتا بها وقبرهما بالعبّاد. ووفد عليه خاتمة أهل الأدب أبو بكر محمد بن عبد الله بن داوود بن خطاب فأحسن إليه وصيّره صاحب القلم الأعلا (كذا) وارتحل لزيارة أبي اليمان القطب الشيخ واضح بن عاصم المكناسي بجبل وافرشان من وادي رهيو لنيل الفضل منه. قال الحافظ أبو راس في الحاوي : ولما جاء يحيى الملقب يغمراسن لزيارة سيدي واضح المكناسي فكوشف له عن ذلك وسد باب المغارة بالحجر فوقف السلطان بباب الخلوة فاستأذن على الشيخ فلم يأذن له فمكث حينا طويلا وكان يوما حارا فصار يتشفع إليه بخدّامه وقرابته
__________________
(١) الموافق ١٢٤٧ ـ ١٢٤٨ م.