التقاييد أنه من حين قصدها في العام الخامس. لم يرجع عنها إلى أن أكمل له الأمر بالفتح واندحض كل جالس. وقد أفرد ابنه الأمير عثمان في هذا القتال ، بمحلة فكثر منها على الأعداء النّزال وصار الحرب بين الأمير والنصارى سجال. وقد أثخن الطلبة في النصارى إثخانا عظيما حل به على النصارى التبديد والنكال. يقال في صحيح الحكاية الموذنة للنصارى بالنكاية. أنّ من شدة قتال الطلبة للنصارى ، تقدموا لهم من غير توان ولا قصارى إلى أن سبق طالب لنصراني وارتمى على ظهره ، ولم يخش من بأسه ومكره ، بل صيّره لنفسه مطيّة ، وقال هذا إليّ من الله عطية. وكان الطالب لطيفا ، وفي جسمه نحيفا ، فذهب به ذلك النصراني وهو على ظهره فارا للمدينة ، وترك القتال وحلّت به الغبينة لم ينزل الطالب عن ظهره ، ولا حاجة له في نهبه وأمره ، وإنما استخرج من جيبه سكينا صغيرا وصار يجرحه به تجريحا مترادفا كثيرا ، والنصراني لا يبالي بذلك وقصد به البلد ، ولما رأى بعض الطلبة ذلك جرى في أثره بالقوة والجد ، إلى أن لحقه فضربه للعراقيب بالسكين فخر النصراني صريعا وقرب أجله في الحين ، فقتله الثاني واجتزّ رأسه وأتيا به معا لمحلتهما في غاية الاقتباس ، وكل ما فعلاه فهو لمرءات الناس.
ويحكى أن الطبجية الذين بمرجاجوا حققوا النيشان بغير اشتباه ، وضربوا بكورهم فسطاط الأمير وهو بوسطه فكسروا ركيزته ، ونجاه الله ، فجاء أحد الطبجية الذين بمحلة الأمير إلى محل اختاره وهو في غيظ كبير ، وجعل نيشانا صحيحا نحو المدفع الذي جاءت منه الكورة ، وكوى مدفعه فذهبت منه بسرعة الكورة ، إلى أن دخلت جوف المدفع الأول فعطّله ونال حالة مشكورة ، قيل ولم يخدم ذلك المدفع المعطل للآن. ورحل الباي من منزله ونزل بالمبرك غربي وهران ، ولا زال رحمهالله يحرض النّاس على قتالها ، ويتقدم لفتحها وزوالها فعدل نصره الله عن طرق عواقبها ، فلم يعتبرها ولم يعبأ بثواقبها ، ولم يلتفت لقول المرجفين من أنها ذات بأس شديد ، وجند كثير / عتيد ، وأنّ اعتناءه بها فهو (ص ١٩٩) من قبل اللعب واللهو ، لكونها أمنع بعقاب الجو ، وأن عاقبة أمره معها عدم الظفر بها وقتل جنده بلا طائل ، لا حصول قوة ونايل ، بل نبذ ذلك كله وراء ظهره ، ولم يعمل إلا برأيه وأمره ولم يستشر في ذلك أحدا خوفا من تثبيطه وعدم شدته