الدولة التاسعة : الفرنسيس ، ويقال لهم الفرنج ، والكلام عليهم في سبعة مواضيع. الأول. ا. ه. وقد توقف الزياني عند هذا العنوان وبهذين الحرفين ألف وهاء ، دليلا على انتهائه ، وعدم اكماله للفصل الرابع كما وعد في بدايته.
أما المزاري فبعد أن نقل هذا العنوان كما هو في دليل الحيران ، أرخ لهذه الدولة حسب مخطط الزياني بالتتابع وبالترتيب ، دون أن يشير إلى ذلك التقسيم كما هي عادته في الأقسام الماضية ، وتوسع في هذه الدولة توسعا كبيرا استغرق (٢٠٨) مائتين وثماني صفحات وهو ما يعادل أكثر من ثلث المخطوط. وحاول أن يؤرخ لتاريخ فرنسا ، وأغرق نفسه في مواضيع ليست في متناوله. وذلك رغبة منه على ما يبدو في التقرب من الإدارة الفرنسية التي كان يعمل تحت إمرتها ، ووفق أوامرها ، وتعليماتها.
إن هذه المقارنة تثبت بما لا يدع مجالا للشك ، بأن مخطوط : طلوع سعد السعود ، إما أن يكون للزياني نفسه ونسبه المزاري لنفسه لظرف من الظروف التي حكى منها شيئا ، مارسيل بودان ، أو يكون المزاري نقله حرفيا من كتاب دليل الحيران للزياني ، وتصرف فيه قليلا بالحذف ، والاختصار ، والتقديم والتأخير ، واستغل مركزه كآغا ليقنع شيخه الزياني ، أو يرغمه على السكوت ، وقبول الأمر الواقع ، وليس هناك تفسيرا آخر غير هذين الافتراضين.
وللشيخ المهدي البو عبدلّي البطيوي الذي حقق ونشر مخطوط دليل الحيران للزياني ، رأي آخر فيما يخص القسم الأخير الذي عنون له المؤلف ، ولم يكمله. فقد قال في المقدمة التي وضعها للكتاب : إن التأليف الذي يحمل اسم «أقوال التأسيس عما وقع وسيقع من الفرنسيس». ونسب إلى أبي راس المعسكري ، ووضع ضمن قائمة مؤلفاته ، ليس له «لأن المتأمل فيه يدرك من أول وهلة أنه كتب بعد الاحتلال الفرنسي ، وأبو راس كما نعلم توفي حوالي سنة ١٢٣٧ (١) أي قبل الاحتلال الفرنسي بسنوات».
__________________
(١) الصحيح أن أبو راس توفي يوم ١٥ شعبان ١٢٣٨ الموافق لشهر أبريل ١٨٢٣ م. وقد حصلنا على قائمة تآليف الشيخ أبي راس التي وضعها بنفسه تحت عنوان : شمس معارف التكاليف في أسماء ما أنعم الله به علينا من التآليف. تحمل رقم ١٣٦ ، وتاريخها ٢٢ ـ