وغيره. وجاور بالحرمين الشريفين وسافر للقدس فجال بالشام لنيل خيره ومكث بدمشق بالجامع الأموي ما شاء الله. وكانت تأتيه الوحوش وعادية السّباع في سياحته لقضاء أوطارها فتقضى لها بإذن الله ، ومكث آخر عمره بوهران بلد أسلافه بالتحرير ، مثابرا فيها على العلم والعمل إلى أن انتفع به الخلق الكثير. ولما قرب أجله كثر كلامه الذي يدل على سعة عفو الله بالتبشير. وألف كتاب : «السهو والتّنبيه ، للفقراء أهل الفضل النبيه». وله تآليف عديدة في طريق القوم النجاية ، وكان كثيرا الثناء على أهل بجاية. وقد نص على شرفه صاحب كتاب : جواهر الأسرار ، في معرفة آل النبي المختار (١) وكذا الفاسي في أثمد الأبصار ، وكانت له كرامات عديدة ، وخوارق عادة مديدة منها أن بعض طغاة الأعراب أخذ مال بعض أصحابه لما أراد الله به النكال فبعث إليه الشيخ رسوله ليرد ذلك المال ، فأخذ الظالم الرسول وقيّده ومقته ، فبلغ الشيخ أمره فقام من مجلسه مغاضبا وقد اسودّ وجهه من شدة الغضب ودخل خلوته. قال تلميذه التازي فسمعته جهارا ، يقول مفرطح ، مفرطح ، يكرره مرارا ، وفي الوقت قام الظالم يلعب في عرس والناس ينظرون إليه تفرّسا / فإذا برجل أبيض الثياب نزعه من (ص ١٤) فوق فرسه وضرب به الأرض فإذا هو مفرطح دخل رأسه في جوفه من شدة ضربه منكّسا. فأطلقت أمه رسول الشيخ وخاطبت ولدها الميت خطاب البوم : يا ولدي حذّرتك دعوة الشيخ فأبيت فلا حيلة فيك اليوم.
ومنها أن امرأة أسر ولدها فأتت إليه فقال لها إيتيني بقصعة من ثريد ولحم
__________________
ـ ولد وتربى في بني وغليس على بعد حوالي ميل من قرية سيدي عيش جنوب بجاية ، على الضفة اليسرى لواد الصومام. تضلع في العلوم والمعارف العربية الإسلامية خاصة الفقة ، وتولى وظيفة الإفتاء ، والإمامة ببجاية ، ولقب بشيخ الجماعة ، وتتلمذ على الشيخ أحمد ابن إدريس. درس عليه الخلدونيان ، وأبو القاسم المشدالي ومحمد بن عمر الهواري الوهراني ، وعبد الرحمن الثعالبي. ومن تآليفه : منظومة «الوغليسية» في الفقه التي شرحها أحمد زروق البرنوسي ، ومحمد السنوسي ، ويحيى العيدلي ، وعبد الرحمن الصباغ ، وقد توفي الوغليسي عام ٧٨٦ ه (١٣٨٤ م).
(١) صاحب أثمد الأبصار في آل النبي المختار ، ومؤلفه ، هو أبو عبد الله محمد الفاسي ، وأما صاحب جواهر الأسرار في معرفة آل النبي المختار فلم نهتد لصاحبه.