ولم يدخل النصارى الإسبانيّون لوهران في حياته وإنما دخلوها بعد وفاته باثنين وسبعين عاما لأن دخولهم إياها كان سنة أربعة أو خمسة عشر من القرن العاشر (١) وسبب دخولهم لها وتملكهم بها دعاء الشيخ الهواري عليها وعلى أهلها وذلك أن أهل وهران بغوا على ولده سيدي أحمد الهايج وقتلوه ظلما وعدوانا بالمحل المسمى به للآن (كذا) وهو الهايج وواديه يقال له واد الهايج (٢) وادّعوا أنه هايج عليهم بغير حق وسمع بذلك الشيخ وسكت فحرّضته زوجته أم الولد على أخذ ثأر ولده بالانتقام من أهل وهران فلم يلتفت لها فذهبت إلى دجاجة كانت عندها ذات فلا ليس صغار وأخذت فلّوسا منهم والشيخ ينظر فجاءت الدجاجة وصارت تضاربها على ولدها لتخلّصه منها ولها صياح فقالت له يا هواري انظر لهذه الدجاجة كيف أخذتها الغيرة على ولدها وكيف بك لم تأخذك الغيرة على ولدك القتيل ظلما وعدوانا فعند ذلك غضب الشيخ / وقال لأهل وهران لأي شيء قتلتم (ص ١٧) ولدي فإنه قرت (كذا) عيني وثمرة فؤادي وبضعة مني فقالوا له لأنه ارتكب ذنبا وثبت عليه وقتلته الشريعة فقال لهم من حكم بقتله من ساداتها العلماء فقالوا له لا نحتاجوا (كذا) في ذالك إلى حكم وإنما رأينا الشريعة قتلته فقتلناه فقال لهم أنتم قلتم بزعمكم أنّ الشريعة قتلت ولدي الهواري وأن الهواري لا يجوز ولده لعدم تحقيق دعواكم وإن كان قولكم بزعمكم في الظاهر مقبول. ففي باطن الأمر الذي لا اطّلاع لكم عليه ولدي ناج وكلامه محمول. فأسلمها رحمهالله للنصارى لأنه سلطان مصرها ، ومتولي أمرها ، وكان من الذين لو أقسموا على الله لأبر قسمهم. ونص دعائه «روحي يا وهران الفاسقة ، يا كثيرة الجور والبغي والطارقة ، يا ذات الأهل الباغية السارقة إني بعتك بالبيعة الموافقة ، لنصارى مالقة والجالقة ، إلى يوم البعث والتالقة ، مهمي (كذا) ترجعي فأنت الطالقة». فلما
__________________
ـ الأمر. أما القاضي بن عبد المؤمن الذي حرض الباشا حسن على غزو وهران فقد توفي عام ١١٠١ ه (١٦٩٠ م) والقصيدة موجودة في كتاب التحفة المرضية لابن ميمون ص ٣٠١ ـ ٣٠٤ ، ويوجد قسم منها بدليل الخيران للزياني ص ٤٣.
(١) تم احتلال الإسبان لمدينة وهران في شهر صفر عام ٩١٥ ه (ماي ١٩٠٩ م).
(٢) الواد الهائج لم نجد له أثرا في الخرائط ، ولم نجد من يعرفه من كبار السن ، ولكنه على أي حال يوجد ما بين وهران وسيق لأن المزاري يتحدث عنه عند ذكره لحوادث المنطقة.