كان بثغر وهران ، وكان ذلك / اليوم مشهودا ومن المواسم والأعياد معدودا فقيل له (ص ٢٤) من أين أخرجت هذا الطعام وما صرفت على الماء وأنت فقير بالعيان ، فلست من الملوك ولا من الأغنياء الأعيان ، فقال مساعدة الزمان ومساعفة الإخوان ، فعل بهما كلّ ما كان. وكان جمعه له قبل موته بأمد في الشايع. لأنه توفي رحمهالله في تاسع شعبان سنة ست وستين من القرن التاسع (١) أيام السلطان مولانا أبي عبد الله المتوكل الزياني رحمهالله وأسكنه دار التهاني ، ودفن بالقصبة الخلانصة ، كما دفن شيخه الهواري بالبلانصة ، وبقي بضريحه خمسين عاما ، ولما ملكها الإسبانيون في المرة الأولى سكن بعضهم عند قبره فرءا (كذا) ما يكرهه التزاما. فأخبره بطريقهم بتلك القضية. وقد وافق قدوم أهل القلعة عليه بالضربية ، فأمرهم بأخذه فأخذوه بفرح وسرور ، ودفنوه بمدينتهم فضريحه بها مزار مشهور ، وعليه قبّة عجيبة ، وله مناقب كثيرة غريبة ، ولا زال على محل ضريحه بوهران تحويط من الحجر (٢) مقصود للتبرك به عند الخميل ، والأشهر ، وفيه وفي شيخه الهواري قال الحافظ أبو راس في سينيته :
في رقتهم كان قطبها وعالمها |
|
محمد ذي المقدار العادم الحجس |
خلفه من بعد موته تلميذه |
|
إبراهيم الذي كان يسموعن برجيس |
وأتت لها لمّا حجّ أهل مشرقنا |
|
بل أقصاذاك كأهل طوس مع قومس |
جلب ماء إليها فيه منفعة |
|
لذلك الثغر بأبدع مقتبس |
__________________
(١) يوم ٩ شعبان عام ٨٦٦ ه يوافق ٩ ماى ١٤٦٢ م ، والسلطان الزياني أبو ثابت أبو عبد الله محمد المتوكل حكم في الفترة من ١٠ جمادى الأولى ٨٦٦ ه إلى عام ٨٩٠ ه (١ فيفري ١٤٦٢ ـ ١٤٨٥ م).
(٢) لا يوجد حاليا هذا التحويط ، وذكرت لنا المقدمة التي تحرس ضريح الشيخ الهواري بأن هذه التحويطة كانت في ساحة المسجد على اليمين حيث بيوت الوضوء والأدواش التي أنشئت حديثا بعد استعادة الاستقلال الوطني عام ١٩٦٢ ، وأغلقت بجدار خلال الترميمات التي أجريت للمسجد ، ولسنا ندري مدى صحة ذلك ، والمفروض أن يكون مدفونا داخل ضريح شيخه قبل أن ينقل. والبلانصة هي المدينة بالإسبانية ويقصد بها وسط المدينة وهو قلب القصبة ، أما الخلانصة فيبدو أنها لا معنى لها وأتى بها لملاءمة فقرة السجع. وقد زار الرحالة المصري عبد الباسط خليل وهران عام ٨١١ ه (١٤٠٨ ـ ١٤٠٩ م) والتقى ـ