(ص ٢٥) / ومنهم العلامة الشريف الذي أغنى عن التعريف به ما له من شهرة وخمرة ، سيدي بختي بن عياد دفين بلاد غمرة (١) قد جمع الله له بين العمل والعلم ، وجودة النظر وثقوبة بالفهم (كذا) ، والنجابة وذكاء القريحة ، والديانة وكثرة النصيحة ، فانتفع به خلق كثير ، فهو من الأولياء المشاهير ، وكان رضياللهعنه من أهل القرن التاسع (٢) فهو القطب الرباني ، في زمان الملك أحمد العاقل ابن الملك أبي حمّ موسى بن يوسف الزياني. فاجتمع بالشيخ محمد الهواري وتلمّذه وأخذ عنه. فانتفع بعلوم دينية ولدنية منه. ونال بركاته في القول الحفي
__________________
ـ بالشيخ الهواري وإبراهيم التازي وترجم لهما.
(١) الشيخ بختي بن عياد معاصر للشيخ الهواري ، وتتلمذ عليه وعلى الشيخ الحسن أبركان التلمساني ، وهو الذي حمل رسالة الأخير إلى الشيخ الهواري بوهران في قضية الوساطة بين أمير تلمسان أحمد العاقل ، والسلطان الحفصي أبي فارس عزوز الذي كان يقود جيشا لغزو تلمسان ، وكان الشيخ الهواري في البداية يرفض الوساطة ، ولكن الشيخ بختي أكد له بأن الشيخ الحسن أبركان هو الذي أرسله إليه فسرّ وزالت عنه الحسرة والتقطيب وقال للشيخ بختي قل لشيخك ليؤكد للأمير عدم وصول السلطان إلى بلاده إلى آخر القصة.
وقد قدم أحمد العاقل الزياني جائزة بعشرة دنانير إلى الشيخ بختي بعد أن نجاه الله من ذلك الغزو المتوقع عليه وعلى إمارته. وأورد القصة بتفاصيلها ابن مريم في البستان ص ٢٣١ ـ ٢٣٢.
وعند ما توفي الشيخ بختي في تاريخ لا نعلمه خلال القرن التاسع الهجري (١٥ م) دفن في قرية تحمل اسمه اليوم على بعد خمسة كيلومترات من قرية غمرة غربا ، واثني عشر كيلومترا من قرية حمو بوتليليس شمالا. واثنين وأربعين كيلومترا من وهران غربا. وقد زرت هذه القرية صباح الخميس ٢٥ ذو الحجة ٤٠٧ ه (٢٠ أوت ١٩٨٧ م) للتعرف على المكان ، ووجدت هناك ضريحين اثنين واحد للشيخ بختي الصغير بجوار القرية داخل مقبرة صغيرة ، والثاني للشيخ بختي الكبير على بعد حوالي ثلاث كيلومترا من شمال القرية. وهو الذي يحتفل به كل سنة.
ولكن أحد الرجال هناك قال لي خلال الزيارة بأن الناس كانوا يقيمون الاحتفال في الضريح الذي بجوار القرية ولكن المشاجرات التي تحصل باستمرار ، وقتل البعض خلالها ، جعل الناس ينقلون الاحتفال إلى الضريح البعيد عن القرية.
(٢) القرن التاسع الهجري يقابله القرن الخامس عشر الميلادي.