ومنهم أبو زيد عبد الرحمان مقلاش وهو الذي أصلح في سهو الشيخ محمد الهواري أشياء وزنا وإعرابا وأتى به إلى الشيخ وقال له يا سيدي إني أصلحت سهوك فلم يقبل منه وقال له هذا السهو يقال له سهو مقلاش وأما سهوي فهو سهو الفقراء يبقى على ما هو عليه إنما ينظر فيه إلى المعنى ومن أين لمحمد الهواري بالعربية والوزن. وأنشد سبويه في هذا المعنى أبياتا فقال :
لساني فصيح معرب في كلامه |
|
فيا ليته من وقفة العرض يسلم |
أراه فصيحا في الحياة وإنّما |
|
أخاف عليه في القيام يلجّم |
وما ينفع الإعراب إن لم تكن تقى |
|
وما ضرّ ذا تقوى لسان معجّم |
وكان من أهل القرن التاسع (١).
__________________
ـ شيء ، ولم تحدد حتى سنة ميلاده. وقد تجول في بلدان المغرب العربي ، وصقلية على عهد الموحدين ، ثم انتقل إلى مصر عبر تونس ، وصقلية ، وحاول أن يلتحق بديوان الإنشاء. فلم يوفق بسبب شخصية القاضي الفاضل ولذلك غادر مصر إلى الشام ، وزار بغداد ثم التحق بدمشق ، عام ٥٧٠ ه (١١٧٤ م) ، وعين إماما في مسجد داريا بضواحيها وبقي بها حتى توفي في شهر رجب ٥٧٥ ه (١١٧٩ م) ودفن بها. وقد ألّف خلال حياته رسائل ، ومنامات ؛ ومقامات ، على شكل وأسلوب أبي العلاء المعري في رسالة الغفران. وكان سليط اللسان مقذعا ، لا يتورع عن استعمال الكلمات والجمل القبيحة ، والبذيئة ، وعن استعمال الأساليب الهزلية الهادفة. ومن أشهر مقاماته : المنام الكبير الذي سار فيه على غرار المعري ، والمقامة البغدادية ، والمقامة الصقلية ، ومقامة مساجد الشام ، ومقامة بغلته ، وترجم له ابن خلكان في وفيات الأعيان ، وابن فضل الله المعري في مسالك الأبصار ، والصفدي في الوافي بالوفيات ، وابن قاضي شعبة في الأعلام ، والسيوطي في الكنز المدفون ، ومحمد كرد علي في مجلة المقتبس (١٩٠٦ ـ ١٩٠٨ م) ، وخير الدين الزركلي في الأعلام. وفريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين ، وبروكلمان ، والجيلالي ، وعبد الله حمزة في دراسته عن الأدب المصري. وأخيرا الأستاذان : إبراهيم شعلان ومحمد نغش ، اللذان جمعا عددا كبيرا من مقاماته ورسائله ومناماته ، وإصدارها في كتاب تحت عنوان : منامات الوهراني ومقاماته ورسائله ، بالقاهرة عام ١٩٦٨ م ويحتوي على ٣٠٨ صفحة. ولكن هذه الدراسة لم تقدم أي شيء عن حياته قبل هجرته إلى مصر والشام ، وهي فترة طويلة وتعتبر ثغرة في حياته تتطلب البحث والدراسة.
(١) الموافق للقرن ١٣ م. وعبد الرحمن مقلاش هذا ، تلميذ للشيخ محمد بن عمر الهواري ، ـ