جر ما عطف عليه ، بل يعرب المضاف إليه بإعراب المضاف المحذوف. ألا ترى إلى قوله (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١)؟ وأما إقراره مجرورا فلا يجوز إلا بشرط ذكر في علم النحو.
(عَلَى الْعالَمِينَ) متعلق باصطفى ، ضمنه معنى فضل ، فعداه بعلى. ولو لم يضمنه معنى فضل لعدى بمن. قيل : والمعنى على عالمي زمانهم ، واللفظ عام ، والمراد به الخصوص كما قال جرير :
ويضحى العالمون له عيالا
وقال الحطيئة :
أراح الله منك العالمينا
وكما تؤول في (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢).
وقال القتبي : لكل دهر عالم ، ويمكن أن يخص بمن سوى هؤلاء ، ويكون قد اندرج في قوله : وآل إبراهيم محمد صلىاللهعليهوسلم ، فيكون المعنى : إن هؤلاء فضلوا على من سواهم من العالمين. واشتراكهم في القدر المشترك من التفضيل لا يدل على التساوي في مراتب التفضيل ، كما تقول : زيد وعمر وخالد أغنياء ، فاشتراكهم في القدر المشترك من الغنى لا يدل على التساوي في مراتب الغنى ، وإذا حملنا : العالمين ، على من سوى هؤلاء ، كان في ذلك دلالة على تفضيل البشر على الملائكة ، لأنهم من سوى هؤلاء المصطفين ، وقد استدل بالآية على ذلك. ولا يمكن حمل : العالمين ، على عمومه لأجل التناقض ، لأن الجمع الكثير إذا وصفوا بأن كل واحد منهم أفضل من كل العالمين ، يلزم كل واحد منهم أن يكون أفضل من الآخر ، وهو محال.
وقرأ عبد الله : وآل محمد على العالمين.
(ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) أجازوا في نصب : ذرية ، وجهين :
أحدهما : أن يكون بدلا. قال الزمخشري من (آلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ) يعني أن الآلين ذرية واحدة ، وقال غيره بدل من نوح ومن عطف عليه من الأسماء. قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون بدلا من آدم لأنه ليس بذرية انتهى. وقال ابن عطية : لا يسوغ أن تقول في والد هذا ذرية لولده. وقال الراغب : الذرية يقال للواحد والجمع والأصل والنسل.
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٨٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٤٧ و ١٢٢.