تجب طاعته. ولهذا قيل للزوج : سيد. وقيل : سيد الغلام ، وقال سلمة عن الفراء : السيد المالك ، والسيد الرئيس ، والسيد الحكيم ، والسيد السخي.
وجاء في الحديث : «السيد من أعطى مالا ورزق سماحا ، فأدنى الفقراء ، وقلت شكايته في الناس». وفي معناه : من بذل معروفه وكف أذاه. وقال في الحديث لبني سلمة وقد سألهم من سيدكم فقالوا الجدّ بن قيس على بخله فقال عليهالسلام : «وأي داء أدوى من البخل؟ سيدكم عمرو بن الجموح». وسمى أيضا سعد بن معاذ سيدا في قوله : «قوموا إلى سيدكم». أي رئيسكم والمطاع فيكم. وسمى الحسن بن علي : سيدا. في قوله : «إن ابني هذا سيد ، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
وقال الزمخشري : السيد الذي يسود قومه أي يفوقها في الشرف. وكان يحيى قائما لقومه ، قائما للناس كلهم في أنه لم يرتكب سيئة قط ، ويا لها من سيادة؟! انتهى كلامه.
وقال ابن عطية ما ملخصه : خصه الله بذكر السؤدد ، وهو الاعتمال في رضا الناس على أشرف الوجوه دون أن يوقع في باطل ، وتفصيله : بذل الندى وهو الكرم ، وكف الأذى وهي العفة في الفرج واليد واللسان ، واحتمال العظائم وهنا هو الحلم من تحمل الغرامات وجبر الكسير والإنقاذ من الهلكات. وقد يوجد من الثقات العلماء من لا يبرز في هذه الخصال ، وقد يوجد من يبرز فيها ، فيسمى سيدا وإن قصر في مندوب ، ومكافحة في حق وقلة مبالاة باللائمة.
وقال ابن عمر : ما رأيت أسود من معاوية؟ قيل له : وأبو بكر وعمر؟ قال : هما خير منه ، ومعاوية أسود منهما! انتهى كلامه.
وهذه الأقوال التي ذكرت في تفسير السيد كلها يصلح أن يكون تفسيرا في وصف يحيى عليهالسلام ، وأحق الناس بصفات الكمال هم النبيون.
وفي قوله : وسيدا ، دلالة على إطلاق هذا الاسم على من فيه سيادة ، وهو من أوصاف المدح. ولا يقال ذلك للظالم والمنافق والكافر.
وورد النهي : «لا تقولوا للمنافق سيدا» ، وما جاء من قوله (أَطَعْنا سادَتَنا) (١) فعلى ما في اعتقادهم وزعمهم.
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٧.