وقال ابن عباس : ان الله أحيا به عقر أمّه. وقيل : معناه يموت فسمي يحيى تفاؤلا ، كالمفازة والسليم. وقيل : لأن الله أحيا به الناس بالهدى.
(مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) الجمهور على أن الكلمة هو عيسى ، وسيأتي لم سمي كلمة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والسدّي وغيرهم.
قال الربيع ، وغيره : كان يحيى أوّل من صدق بعيسى وشهد أنه كلمة من الله ، وكان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر ، قاله الأكثرون وقيل : بثلاث سنين ، وقتل قبل رفع عيسى ، وكانت أمّ يحيى تقول لمريم : إني لأجد الذي في بطني يتحرك ، وفي رواية : يسجد ، وفي رواية : يومي برأسه لما في بطنك ، فذلك تصديقه ، وهو أول التصديق.
وقال أبو عبيدة ، وغيره (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) أي : بكتاب من الله التوراة والإنجيل وغيرهما ، أوقع المفرد موقع الجمع ، فالكلمة اسم جنس ، وقد سمت العرب القصيدة كلمة. روي أن الحويدرة ذكر لحسان ، فقال : لعن الله كلمته ، أي قصيدته. وفي الحديث : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل |
|
وكل نعيم لا محالة زائل» |
وقيل معنى : (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) هنا أي : بوعد من الله ، وقرأ أبو السمال العدوي : بكلمة ، بكسر الكاف وسكون اللام في جميع القرآن ، وهي لغة فصيحة مثل : كتف وكتف ، ووجهه أنه أتبع فاء الكلمة لعينها ، فيقل اجتماع كسرتين ، فسكن العين. ومنهم من يسكنها مع فتح الفاء استثقالا للكسرة في العين.
وانتصب : مصدّقا ، على الحال. قال ابن عطية : وهي حال مؤكدة بحسب حال هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(وَسَيِّداً) قال ابن عباس : السيد الكريم. وقال قتادة : الحليم ، ومنه قول الشاعر :
سيد لا تحل حبوته |
|
بوادر الجاهلين إن جهلوا |
وقال عكرمة : من لا يغلبه الغضب. وقال الضحاك : الحسن الخلق. وقال سالم : التقي. وقال ابن زيد : الشريف. وقال ابن المسيب : الفقيه العالم. وقال أحمد بن عاصم : الراضي بقضاء الله. وقال الخليل : المطاع الفائق أقرانه. وقال أبو بكر الورّاق : المتوكل. وقال الترمذي : العظيم الهمة. وقال الثوري : السيد من لا يحسد من قولهم : الحسود لا يسود. وقال أبو إسحاق : السيد الذي يفوق في الخير قومه. وقال بعض أهل اللغة : السيد المالك الذي