ويتميز ممن سواه مجموع هذه الثلاثة. انتهى كلامه. ويظهر من كلامه أن اسمه مجموع هذه الثلاثة ، فتكون الثلاثة أخبارا عن قوله : اسمه ، ويكون من باب : هذا حلو حامض ، و : هذا أعسر يسر. فلا يكون أحدها على هذا مستقلا بالخبرية. ونظيره في كون الشيئين أو الأشياء في حكم شيء واحد قول الشاعر :
كيف أصبحت كيف أمسيت مما |
|
يزرع الود في فؤاد الكريم؟ |
أي : مجموع هذا مما يزرع الود ، فلما جاز في المبتدأ أن يتعدد دون حرف عطف إذا كان المعنى على المجموع ، كذلك يجوز في الخبر. وأجاز أبو البقاء أن يكون : ابن مريم ، خبر مبتدأ محذوف أي : هو ابن مريم ، ولا يجوز أن يكون بدلا مما قبله ، ولا صفة ، لأن : ابن مريم ، ليس باسم. ألا ترى أنك لا تقول : اسم هذا الرجل ابن عمرو إلّا إذا كان علما عليه؟ انتهى.
قال بعضهم : ومن قال إن المسيح صفة لعيسى ، فيكون في الكلام تقديم وتأخير تقديره : اسمه عيسى المسيح ، لأن الصفة تابعة لموصوفها. انتهى. ولا يصح أن يكون المسيح في هذا التركيب صفة ، لأن المخبر به على هذا اللفظ ، والمسيح من صفة المدلول لا من صفة الدال ، إذ لفظ عيسى ليس المسيح.
ومن قال : إنهما اسمان تقدم المسيح على عيسى لشهرته. قال ابن الأنباري : وإنما بدأ بلقبه لأن : المسيح ، أشهر من : عيسى ، لأنه قل أن يقع على سمي يشتبه ، وعيسى قد يقع على عدد كثير ، فقدمه لشهرته. ألا ترى أن ألقاب الخلفاء أشهر من أسمائهم؟ وهذا يدل على أن المسيح عند أبن الأنباري لقب لا اسم.
قال الزجاج : وعيسى معرب من : ايسوع ، وإن جعلته عربيا لم ينصرف في معرفة ولا نكرة لأن فيه ألف تأنيث ، ويكون مشتقا من : عاسه يعوسه ، إذا ساسه وقام عليه.
وقال الزمخشري : مشتق من العيس كالرقم في الماء.
(وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) قال ابن قتيبة : الوجيه ذو الجاه ، يقال : وجه الرجل يوجه وجاهة. وقال ابن دريد : الوجيه المحب المقبول. وقال الأخفش : الشريف ذو القدر والجاه. وقيل : الكريم على من يسأله ، لأنه لا يرده لكرم وجهه.
ومعناه في حق عيسى أن وجاهته في الدنيا بنبوته ، وفي الآخرة بعلو درجته. وقيل :