مصحف عبد الله : بآيات ، على الجمع في الموضعين. ويجوز أن يكون : من ربكم ، في موضع الصفة ، لأنه يتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يتعلق : بجئتكم ، أي : جئتكم من ربكم بآية.
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) قرأ الجمهور : أني أخلق ، بفتح الهمزة على أن يكون بدلا من : آية ، فيكون في موضع جر ، أو بدلا من قوله : أني قد جئتكم ، فيكون في موضع نصب أو جر على الخلاف ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هي ، أي : الآية أني أخلق ، فيكون في موضع رفع. وقرأ نافع بالكسر على الاستئناف ، أو على إضمار القول ، أو على التفسير للآية. كما فسر المثل في قوله : (كَمَثَلِ آدَمَ) (١) بقوله : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) (٢) ومعنى : أخلق : أقدّر وأهيء ، والخلق يكون بمعنى الإنشاء وإبراز العين من العدم الصرف إلى الوجود. وهذا لا يكون إلّا لله تعالى. ويكون بمعنى : التقدير والتصوير ، ولذلك يسمون صانع الأديم ونحوه : الخالق ، لأنه يقدّر ، وأصله في الإجرام ، وقد نقلوه إلى المعاني قال تعالى (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (٣) ومما جاء الخلق فيه بمعنى التقدير قوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (٤) أي المقدّرين. وقال الشاعر :
ولأنت تفري ما خلقت |
|
وبعض القوم يخلق ثم لا يفري |
واللام في : لكم ، معناها التعليل ، و : من الطين ، تقييد بأنه لا يوجد من العدم الصرف ، بل ذكر المادة التي يشكل منها صورة.
وقرأ الجمهور : كهيئة ، على وزن : حيئة ، وقرأ الزهري : كهية ، بكسر الهاء وياء مشددة مفتوحة بعدها تاء التأنيث ، و : الكاف ، من : كهيئة ، اسم على مذهب أبي الحسن ، فهي مفعولة : بأخلق ، وعلى قول الجمهور : يكون ، صفة لمفعول محذوف تقديره : هيئة مثل هيئة ، ويكون : هيئة ، مصدرا في معنى المفعول ، أي : مثالا مهيأ مثل.
وقرأ الجمهور : الطير ، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : كهيئة الطائر ، والمراد به الجنس : فأنفخ فيه ، الضمير في : فيه ، يعود على : الكاف ، أو على موصوفها على القولين المذكورين. وقرأ بعض القراء : فأنفخها ، أعاد الضمير على الهيئة المحذوفة ، إذ يكون
__________________
(٢ ـ ١) سورة آل عمران : ٣ / ٥٩.
(٣) سورة العنكبوت : ٢٩ / ١٧.
(٤) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٤.