فعل الخالق ، وكان بنو إسرائيل مع معاينتهم لذلك الطائر يطير يقولون في عيسى : هذا ساحر.
(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) تقدّم تفسيرهما في المفردات. وقال مجاهد : الأكمه هو الأعشى. وقال عكرمة : هو الأعمش. وقال الزمخشري : هو الذي ولد أعمى. وقيل : هو الممسوح العين ، ولم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسي صاحب التفسير. وقال ابن عباس ، والحسن ، والسدّي : هو الأعمى على الإطلاق. وحكى النقاش : أن الأكمه هو الأبكم الذي لا يفهم ولا يفهم ، الميت الفؤاد ، وقال ابن عباس أيضا ، وقتادة : هو الذي يولد أعمى مضموم العينين.
قيل : وقد كان عيسى يبرىء بدعائه ، والمسح بيده ، كل علة. ولكن لا يقوم الحجة على بني إسرائيل في معنى النبوة إلّا بالإبراء من العلل التي يعجز عن إبرائها الأطباء ، حتى يكون فعله ذلك خارقا للعادات. والإبراء من العشي والعمش ليس بخارق ، وأما العمى فالأبلغ الإبراء من عمى الممسوح العين.
روي أنه ربما اجتمع عليه خمسون ألفا من المرضى ، من أطاق منهم أتاه ، ومن لم يطق أتاه عيسى ، وما كانت مداواته إلّا بالدعاء وحده ، وخص بالذكر الكمه والبرص لأنهما داآن معضلان لا يقدر على الإبراء منهما ، إلّا الله تعالى ، وكان الغالب على زمان عيسى الطب ، فأراهم الله المعجزة في جنس علمهم ، كما أرى قوم موسى ، إذ كان الغالب عليهم السحر ، المعجزة بالعصا واليد البيضاء ، وكما أرى العرب ، إذ كان الغالب عليهم البلاغة ، المعجزة بالقرآن.
روي أن جالينوس كان في زمان عيسى ، وأنه رحل إليه من رومية إلى الشام ليلقاه ، فمات في طريقه.
(وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) نقل أئمة التفسير أنه أحيا أربعة : عاذر ، وكان صديقا له ، بعد ثلاثة أيام. فقام من قبره يقطر ودكه ، وبقي إلى أن ولد له. و : ابن العجوز ، وهو على سريره ، فنزل عن أعناق الرجال وحمل سريره وبقي إلى أن ولد له ، و : بنت العاشر ، متعت بولدها بعد ما حييت ، وسألوه أن يحيى سام بن نوح ليخبرهم عن حال السفينة ، فخرج من قبره فقال : أقد قامت الساعة؟ وقد شاب نصف رأسه ، وكان شابا ابن خمسمائة ، فقال : شيبني هول يوم القيامة.