يكن كذلك ، بل كان دهرا ملقى لا روح فيه ، ثم جعل له الروح. وقوله : كن عبارة عن إيجاد الصورة التي صار بها الإنسان إنسانا. انتهى.
والضمير في : له ، عائد على آدم وأبعد من زعم أنه عائد على عيسى ، وأبعد من هذا قول من زعم أنه يجوز أن يعود على كل مخلوق خلق بكن ، وهو قول الحوفي.
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) جملة من مبتدأ وخبر ، أخبر تعالى أن الحق ، وهو الشيء الثابت الذي لا شك فيه هو وارد إليك من ربك ، فجميع ما أنبأك به حق ، فيدخل فيه قصة عيسى وآدم وجميع أنبائه تعالى ، ويجوز أن يكون : الحق ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو. أي : خبر عيسى في كونه خلق من أم فقط هو الحق ، و : من ربك ، حال أو : خبر ثان وأخبر عن قصة عيسى بأنها حق. ومع كونها حقا فهي إخبار صادر عن الله.
(فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) قيل : الخطاب بهذا لكل سامع قصة عيسى ، والأخبار الواردة من الله تعالى. وقيل : المراد به أمّة من ظاهر الخطاب له. قال الزمخشري : ونهيه عن الامتراء وجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يكون ممتريا ، من باب التهييج لزيادة الثبات والطمأنينة ، وأن يكون لطفا لغيره. وقال الراغب : الامتراء استخراج الرأي للشك العارض ، ويجعل عبارة عن الشك ، وقال : فلا تكن من الممترين ولم يكن ممتريا ليكون فيه ذمّ من شك في عيسى.
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي : من نازعك وجادلك ، وهو من باب المفاعلة التي تكون بين اثنين ، وكان الأمر كذلك بينه صلىاللهعليهوسلم وبين وفد نجران.
والضمير في : فيه ، عائد على عيسى ، لأن المنازعة كانت فيه ، ولأن تصدير الآية السابقة في قوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى) وما بعده جاء من تمام أمره ، وقيل : يعود على الحق ، وظاهر من العموم في كل من يحاجّ في أمر عيسى. وقيل : المراد وفد نجران.
و : من ، يصح أن تكون موصولة ، ويصح أن تكون شرطية ، و : العلم ، هنا : الوحي الذي جاء به جبريل ، وقيل : الآيات المتقدّمة في أمر عيسى ، الموجبة للعمل. و : ما ، في : ما جاءك ، موصولة بمعنى : الذي ، وفي : جاءك ، ضمير الفاعل يعود عليها. و : من العلم ، متعلق بمحذوف في موضع الحال ، أي : كائنا من العلم. وتكون : من ، تبعيضية. ويجوز أن تكون لبيان الجنس على مذهب من يرى ذلك ، قال بعضهم ، ويخرج على قول