الأخفش : أن تكون : ما ، مصدرية ، و : من ، زائدة ، والتقدير : من بعد مجيء العلم إياك.
(فَقُلْ تَعالَوْا) قرأ الجمهور بفتح اللام وهو الأصل والقياس ، إذا التقدير تفاعل ، وألفه منقلبة عن ياء وأصلها واو ، فإذا أمرت الواحد قلت : تعال ، كما تقول : اخش واسع. وقرأ الحسن ، وأبو واقد ، وأبو السمال : بضم اللام ، ووجههم أن أصله : تعاليوا ، كما تقول : تجادلوا ، نقل الضمة من الياء إلى اللام بعد حذف فتحتها ، فبقيت الياء ساكنة وواو الضمير ساكنة فخذفت الياء لإلتقاء الساكنين ، وهذا تعليل شذوذ.
(نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) أي : يدع كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى المباهلة. وظاهر هذا أن الدعاء والمباهلة بين المخاطب : بقل : وبين من حاجه ، وفسر على هذا الوجه : الأبناء بالحسن والحسين ، و : بنسائه : فاطمة ، و : الأنفس بعليّ. قال الشعبي : ويدل على أن ذلك مختص بالنبي صلىاللهعليهوسلم مع من حاجه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص ، قال : لما نزلت هذه الآية : (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : «اللهم هؤلاء أهلي».
وقال قوم : المباهلة كانت عليه وعلى المسلمين ، بدليل ظاهر قوله ندع أبناءنا وأبناءكم على الجمع ، ولما دعاهم دعا بأهل الذين في حوزته ، ولو عزم نصارى نجران على المباهلة وجاؤا لها ، لأمر النبي صلىاللهعليهوسلم المسلمين أن يخرجوا بأهاليهم لمباهلته.
وقيل : المراد : بأنفسنا ، الإخوان ، قاله ابن قتيبة قال تعالى : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) (١) أي : إخوانكم. وقيل : أهل دينه ، قاله أبو سليمان الدمشقي. وقيل : الأزواج ، وقيل : أراد القرابة القريبة ، ذكرهما عليّ بن أحمد النيسابوري.
(ثُمَّ نَبْتَهِلْ) أي : ندع بالالتعان. وقيل : نتضرّع إلى الله ، قاله ابن عباس. وقال مقاتل : نخلص في الدعاء. وقال الكلبي : نجهد في الدعاء. وقيل : نتداعى بالهلاك.
(فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) أي : يقول كل منا : لعن الله الكاذب منا في أمر عيسى ، وفي هذا دليل على جواز اللعن لمن أقام على كفره ، وقد لعن صلىاللهعليهوسلم اليهود. قال أبو
__________________
(١) سورة الحجرات : ٤٩ / ١١.