التأويلات ، وإن دعوت أسيرك إلى أن يؤمن فيكون حرّا مقاسما لك. في عيشك لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو استواء الحال على ما فسرته. واللفظة على كل تأويل فيها معنى العدل ، ولكني لم أر لمتقدم أن يكون في اللفظة معنى قصد استواء الحال ، وهو عندي حسن ، لأن النفوس تألفه ، والله الموفق للصواب. انتهى كلامه ، وهو تكثير لا طائل تحته ، والظاهر انتصاب الظرف بسواء.
(أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) موضع : أن ، جر على البدل من : كلمة ، بدل شيء من شيء ، ويجوز أن يكون في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف ، أي : هي أن لا نعبد إلّا الله. وجوّزوا أن يكون الكلام تم عند قوله : سواء ، وارتفاع : أن لا نعبد ، على الابتداء والخبر قوله : بيننا وبينكم. قالوا : والجملة صفة للكلمة ، وهذا وهم لعرو الجملة من رابط يربطها بالموصوف ، وجوزوا أيضا ارتفاع : أن لا نعبد ، بالظرف ، ولا يصح إلّا على مذهب الأخفش والكوفيين حيث أجازوا إعمال الظرف من غير اعتماد ، والبصريون يمنعون ذلك ، وجوز علي بن عيسى أن يكون التقدير : إلى كلمة مستو بيننا وبينكم فيها الامتناع من عبادة غير الله ، فعلى هذا يكون : أن لا نعبد ، في موضع رفع على الفاعل بسواء ، إلّا أن فيه إضمار الرابط ، وهو : فيها ، وهو ضعيف.
والمعنى : أن نفرد الله وحده بالعبادة ولا نشرك به شيئا ، أي : لا نجعل له شريكا. وشيئا يحتمل أن يكون مفعولا به ، ويحتمل أن يكون مصدرا أي شيئا من الإشراك ، والفعل في سياق النفي ، فيعم متعلقاته من مفعول به ومصدر وزمان ومكان وهيئة.
(وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) أي لا نتخذهم أربابا فنعتقد فيهم الإلهية ونعبدهم على ذلك : كعزير وعيسى ، قاله مقاتل ، والزجاج ، وعكرمة.
وقيل عنه : إنه سجود بعضهم لبعض أو لا نطيع الاساقفة والرؤساء فيما أمروا به من الكفر والمعاصي ونجعل طاعتهم شرعا. قاله ابن جريج ، كقوله تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) (١) وعن عدي بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله. قال : «أليس كانوا يحلون لكم ويحرّمون فتأخذون بقولهم»؟ قال : نعم. قال : «هو ذاك».
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٣١.