يجعل قول القائف حجة في دعوى النسب ، لأنه جعل علم التصوير في الأرحام لنفسه ، فكيف يعرف القائف صوره من مائه عند قيام التشابه في الصور؟ انتهى.
والأحسن أن تكون هذه الجمل مستقلة ، فتكون الأولى : إخبارا عنه تعالى بالعلم التام ، والثانية : إخبارا بالقدرة التامة وبالإرادة والثالثة : بالانفراد بالإلهية ، ويحتمل أن يكون خبرا عن : أن.
وقال الراغب ، هنا : يصوركم ، بلفظ الحال ، وفي موضع آخر : فصوركم ، لأنه لا اعتبار بالأزمنة في أفعاله ، وإنما استعملت الألفاظ فيه للدلالة على الأزمنة بحسب اللغات ، وأيضا : فصوركم ، إنما هو على نسبة التقدير ، وإن فعله تعالى في حكم ما قد فرغ منه. ويصوركم على حسب ما يظهر لنا حالا فحالا. انتهى.
وقرأ طاووس : تصوركم ، أي صوركم لنفسه ولتعبده. كقولك : أثلت مالا ، أي : جعلته أثلة. أي : أصلا. وتأثلته إذا أثلته لنفسك. وتأتي : تفعّل ، بمعنى : فعل ، نحو : تولى ، بمعنى : ولي.
ومعنى (كَيْفَ يَشاءُ) أي : من الطول والقصر ، واللون ، والذكورة والأنوثة ، وغير ذلك من الاختلافات. وفي قوله : (كَيْفَ يَشاءُ) إشارة إلى أن ذلك يكون بسبب وبغير سبب ، لأن ذلك متعلق بمشيئته فقط.
و : كيف ، هنا للجزاء ، لكنها لا تجزم. ومفعول : يشاء ، محذوف لفهم المعنى ، التقدير : كيف يشاء أن يصوركم. كقوله (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (١) أي : كيف يشاء أن ينفق ، و : كيف ، منصوب : بيشاء ، والمعنى : على أي حال شاء أن يصوركم صوركم ، ونصبه على الحال ، وحذف فعل الجزاء لدلالة ما قبله عليه ، نحو قولهم : أنت ظالم إن فعلت ، التقدير : أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم ، ولا موضع لهذه الجملة من الإعراب ، وإن كانت متعلقة بما قبلها في المعنى ، فتعلقها كتعلق إن فعلت ، كقوله : أنت ظالم.
وتفكيك هذا الكلام وإعرابه على ما ذكرناه ، لا يهتدى له إلّا بعد تمرّن في الإعراب ، واستحضار للطائف النحو.
وقال بعضهم (كَيْفَ يَشاءُ) في موضع الحال ، معمول : يصوركم ؛ ومعنى الحال
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.