يؤتى ، أحد ذلك إذا قامت الحجة له. هذا تفسير ابن عطية لهذه القراءة ، وهذا على أن يكون من قول الطائفة.
وقال أيضا في تفسيرها : كأنه صلىاللهعليهوسلم يخبر أمّته أن الله لا يعطي أحدا ، ولا أعطى فيما سلف مثل ما أعطى أمّة محمد من كونها وسطا ، فهذا التفسير على أنه من كلام محمد صلىاللهعليهوسلم لأمّته ، ومندرج تحت : قل.
وعلى التفسير الأول فسرها الزمخشري ، قال : وقرىء : إن يؤتى أحد على : إن ، النافية وهو متصل بكلام أهل الكتاب أي : ولا تؤمنوا إلّا لمن تبع دينكم وقولوا ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم حتى يحاجوكم عند ربكم ، أي : ما يؤتون مثله فلا يحاجوكم.
قال ابن عطية : وقرأ الحسن : ان يؤتي أحد ، بكسر التاء على اسناد الفعل إلى : أحد ، والمعنى أن إنعام الله لا يشبهه إنعام أحد من خلقه ، وأظهر ما في هذه القراءة أن يكون خطابا من محمد صلىاللهعليهوسلم لأمته ، والمفعول محذوف تقديره : ان يؤتى أحدا أحدا. انتهى. ولم يتعرّض ابن عطية للفظ : ان ، في هذه القراءة : أهي بالكسر أم بالفتح.
وقال السجاوندي : وقرأ الأعمش : ان يؤتى ، و : الحسن : ان يؤتى أحدا ، جعلا : ان ، نافية ، وإن لم تكن بعد إلّا كقوله تعالى : (فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) (١) و : أو ، بمعنى : إلّا إن ، وهذا يحتمل قول الله عزوجل ، ومع اعتراض : قل ، قول اليهود. انتهى.
وفي معنى : الهدى ، هنا قولان : أحدهما : ما أوتيه المؤمنون من التصديق برسول الله صلىاللهعليهوسلم. والثاني : التوفيق والدلالة إلى الخير حتى يسلم ، أو يثبت على الإسلام.
ويحتمل : عند ربكم ، وجهين : أحدهما : أن ذلك في الآخرة. والثاني : عند كتب ربكم الشاهدة عليكم ولكم ، وأضاف ذلك إلى الرب تشريفا ، وكان المعنى : أو يحاجوكم عند الحق ، وعلى هذين المعنيين تدور تفاسير الآية ، فيحمل كل منها على ما يناسب من هذين المعنيين.
(قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) هذا توكيد لمعنى (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) وفي ذلك تكذيب لليهود حيث قالو : شريعة موسى مؤبدة ولن يؤتي الله أحدا مثل ما أوتي بنو إسرائيل من النبوّة ، فالفضل هو بيد الله. أي : متصرّف فيه كالشيء في اليد ، وهذه كناية
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٦.