كلا الوجهين معنى الآية توبيخ من الأحبار للاتباع على تصديقهم بأن محمدا نبي مبعوث ، ويكون : أو يحاجوكم ، في تأويل نصب أن بمعنى : أو تريدون أن يحاجوكم؟.
قال أبو عليّ : وأحد ، على قراءة ابن كثير هو الذي لا يدل على الكثرة ، وقد منع الاستفهام القاطع من أن يشيع لامتناع دخوله في النفي الذي في أول الكلام ، فلم يبق إلّا أنه : أحد ، الذي في قولك : أحد وعشرون ، وهو يقع في الإيجاب ، لأنه في معنى : واحد ، وجمع ضميره في قوله : أو يحاجوكم ، حملا على المعنى ، إذ : لأحد ، المراد بمثل النبوّة أتباع فهو في المعنى للكثرة. قال أبو عليّ : وهذا موضع ينبغى أن ترجح فيه قراءة غير ابن كثير على قراءة ابن كثير ، لأن الأسماء المفردة ليس بالمستمر أن يدل على الكثرة. انتهى تخريج أبي علي لقراءة ابن كثير ، وقد تقدم تخريج قراءته على أن يكون قوله : أن يؤتى ، مفعولا من أجله ، على أن يكون داخلا تحت القول من قول الطائفة ، وهو أظهر من جعله من قول الطائفة.
وقد اختلف السلف في هذه الآية ، فذهب السدّي وغيره إلى أن الكلام كله من قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) إلى آخر الآية مما أمر الله به محمدا صلىاللهعليهوسلم أن يقوله لأمّته.
وذهب قتادة ، والربيع : إلى أن هذا كله من قول الله ، أمره أن يقوله للطائفة التي قالت : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) وذهب مجاهد وغيره إلى أن قوله (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) كله من قول الطائفة لأتباعهم ، وقوله (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) اعتراض بين ما قبله وما بعده من قول الطائفة لأتباعهم. وذهب ابن جريج إلى أن قوله : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) داخل تحت الأمر الذي هو : قل ، يقوله الرسول لليهود ، وتم مقوله في قوله : أوتيتم. وأما قوله : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) فهو متصل بقول الطائفة (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) وعلى هذه الانحاء ترتيب الأوجه السابقة.
وقرأ الأعمش وشعيب بن أبي حمزة : إن يؤتى ، بكسر الهمزة بمعنى : لم يعط أحد مثل ما أعطيتم من الكرامة ، وهذه القراءة يحتمل أن يكون الكلام خطابا من الطائفة القائلة؟ ويكون قولها : أو يحاجوكم ، بمعنى : أو ، فليحاجوكم ، وهذا على التصميم على أنه لا يؤتى أحد مثل ما أوتي ، أو يكون بمعنى : إلّا أن يحاجوكم ، وهذا على تجويز : أن