وهل أنا إن عللت نفسي بسرحة |
|
من السرح موجود عليّ طريق |
وقوله : فأولئك ما عليهم من سبيل من هذا المعنى ، وهو كثير في القرآن وكلام العرب. وقيل : السبيل هنا الفعل المؤدّي إلى الإثم. والمعنى : ليس عليهم طريق فيما يستحلون من أموال المؤمنين الأمّيين.
قال : وسبب استباحتهم لأموال الأمّيين أنهم عندهم مشركون ، وهم بعد إسلامهم باقون على ما كانوا عليه ، وذلك لتكذيب اليهود للقرآن وللنبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : لأنهم انتقض العهد الذي كان بينهم بسبب إسلامهم ، فصاروا كالمحاربين ، فاستحلوا أموالهم. وقيل : لأن ذلك مباح في كتابهم أخذ مال من خالفهم.
وقال الكلبي : قالت اليهود : الأموال كلها كانت لنا ، فما في أيدي العرب منها فهو لنا ، وأنهم ظلمونا وغصبونا ، فلا سبيل علينا في أخذ أموالنا منهم. وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن صعصعة ، أن رجلا قال لابن عباس : أنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمّة : الشاة والدجاجة ، ويقولون : ليس علينا بذلك بأس ، فقال له : هذا كما قال أهل الكتاب : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أنهم إذا أدّوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلّا عن طيب أنفسهم. وذكر هذا الأثر الزمخشري ، وابن عطية ، وفيه بعد ذكر الشاة أو الدجاجة ، قال : فيقولون ماذا قال؟ يقول : ليس علينا في ذلك بأس.
(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي القول الكذب يفترونه على الله بادعائهم أن ذلك في كتابهم. قال السدّي ، وابن جريج ، وغيرهما : ادعت طائفة من أهل الكتاب أن في التوراة إحلالا لهم أموال الأمّيين كذبا منها وهي عالمة بكذبها ، فيكون الكذب المقول هنا هو هذا الكذب المخصوص في هذا الفصل. والظاهر أنه أعم من هذا ، فيندرج هذا فيه ، أي : هم يكذبون على الله في غير ما شيء وهم علماء بموضع الصدق.
وجوّزوا أن يكون : علينا ، خبر : ليس ، وأن يكون الخبر : في الأمّيين ، وذهب قوم إلى عمل : ليس ، في الجار ، فيجوز على هذا أن يتعلق بها.
قيل : ويجوز أن يرتفع : سبيل ، بعلينا ، وفي : ليس ، ضمير الأمر ، ويتعلق : على الله ، بيقولون بمعنى : يفترون.
قيل : ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه ولا يتعلق بالكذب.