قيل : لأن الصلة لا تتقدّم على الموصول.
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) جملة حالية تنعي عليهم قبيح ما يرتكبون من الكذب ، أي : إن العلم بالشيء يبعد ويقبح أن يكذب فيه ، فكذبهم ليس عن غفلة ولا جهل ، إنما هو عن علم.
(بَلى) جواب لقولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) وهذا مناقض لدعواهم ، والمعنى : بلى عليهم في الأمّيين سبيل ، وقد تقدّم القول في : بلى ، في قوله (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) (١) فأغنى عن إعادته هنا.
(مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) أخبر تعالى بأن من أوفى بالعهد واتقى الله في نقضه فهو محبوب عند الله. وقال ابن عباس : اتقى هنا معناه اتقى الشرك ، وهذه الجملة مقررة للجملة المحذوفة بعد بلى ، و : من ، يحتمل أن تكون موصولة ، والأظهر أنها شرطية ، و : أوفى ، لغة الحجاز. و : وفى ، خفيفة لغة نجد. و : وفى ، مشدّدة لغة أيضا. وتقدّم ذكر هذه اللغات.
والظاهر في : بعهده ، أن الضمير عائد على : من. وقيل : يعود على الله تعالى ، ويدخل في الوفاء بالعهد ، العهد الأعظم من ما أخذ عليهم في كتابهم من الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، سواء أضيف العهد إلى : من ، أو : إلى الله ، والشرائط للجملة الخبرية أو الجزائية بمن هو العموم الذي في المتقين ، أو ما قبله ، فرد من أفراده ، ويحتمل أن يكون الخبر محذوفا لدلالة المعنى عليه ، التقدير : يحبه الله ، ثم قال (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) وأتى بلفظ : المتقين ، عاما تشريفا للتقوى دحضا عليها.
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) نزلت في أحبار اليهود : أبي رافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وكعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب ، قاله عكرمة. أو : فيمن حرّف نعته صلىاللهعليهوسلم من اليهود ، قاله الحسن. أو : في خصومة الأشعث بن قيس مع يهودي ، أو مع بعض قرابته. أو : في رجل حلف على سلعة مساء لأعطي بها أول النهار كذا ، يمينا كاذبة ، قاله مجاهد ، والشعبي.
والإضافة في (بِعَهْدِ اللهِ) إما للفاعل وإما للمفعول ، أي : بعهد الله إياه من الإيمان
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٨١.