بجزء شريف منه ، كما يعبر عنها بالركوع قاله : مقاتل ، والفراء ، والزجاج ؛ لأن القراءة لا تكون في الركوع ولا في السجود ، فعلى هذا تكون الجملة في موضع الحال ، أي يتلون آيات الله متلبسين بالصلاة. وقيل : سجود التلاوة. وقيل : أريد بالسجود الخشوع والخضوع. وذهب الطبري وغيره إلى أنها جملة معطوفة من الكلام الأوّل ، أخبر عنهم أيضا أنهم أهل سجود ، ويحسّنه أن كانت التلاوة في غير صلاة. ويكون أيضا على هذا التأويل في غير صلاة نعتا عدد بواو العطف ، كما تقول : جاءني زيد الكريم والعاقل. وأجاز بعضهم في قوله : وهم يسجدون أن يكون حالا من الضمير في قائمة ، وحالا من أمة ، لأنها قد وصفت بقائمة. فتلخص في هذه الجملة قولان : أحدهما : أنها لا موضع لها من الإعراب ، بأن تكون مستأنفة. والقول الآخر : أن يكون لها موضع من الإعراب ويكون رفعا بأن يكون في موضع الصفة ، أو بأن يكون نصبا بأن يكون في موضع الحال ، إما من الضمير في يتلون ، أو من الضمير في قائمة ، أو من أمة. ودلت هذه الآية على الترغيب في قيام الليل ، وقد جاء في كتاب الله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) (١) (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) (٢). (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ) (٣). وفي الحديث : «يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فتركه وقبه ، نعم الرجل عبد الله إلا أنه لا يقوم من الليل» وغير ذلك كثير. وعن رجل من بني شيبة كان يدرس الكتب قال : إنا نجد كلاما من كلام الرب عزوجل : أيحسب راعي إبل وغنم إذا جنه الليل انجدل كمن هو قائم وساجد الليل.
(يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) تقدم تفسير مثل هذه الجمل.
(وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) المسارعة في الخير ناشئة عن فرط الرغبة فيه ، لأنّ من رغب في أمر بادر إليه وإلى القيام به ، وآثر الفور على التراخي. وجاء في الحديث : «اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ، وغناك قبل فقرك».
وصفهم تعالى بأنهم إذا دعوا إلى خير من نصر مظلوم ، وإغاثة مكروب ، وعبادة الله ، بادروا إلى فعله. والظاهر في يؤمنون أن يكون صفة أي تالية مؤمنة. وجوزوا أن تكون
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٧٩.
(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٩.
(٣) سورة المزمل : ٧٣ / ١ ـ ٢.