وكان قولا باطلا واعتقادا فاسدا نهى تعالى المؤمنين أنّ يكونوا مثلهم في هذه المقالة الفاسدة والاعتقاد السيّء. وهو أن من سافر في تجارة ونحوها فمات ، أو قاتل فقتل ، لو قعد في بيته لعاش ولم يمت في ذلك الوقت الذي عرض نفسه للسفر فيه أو للقتال ، وهذا هو معتقد المعتزلة في القول بالأجلين ، والكفار القائلون. قيل : هو عام ، أي اعتقاد الجميع هذا قاله : ابن إسحاق وغيره ، أو عبد الله بن أبي وأصحابه سمع منهم هذا القول قاله : مجاهد والسدي وغيرهما ، أو هو ومعتب وجدّ بن قيس وأصحابهم.
واللام في : لإخوانهم لام السبب ، أي لأجل إخوانهم. وليست لام التبليغ ، نحو : قلت لك. والإخوة هنا إخوة النسب ، إذ كان قتلى أحد من الأنصار وأكثرهم من الخزرج ، ولم يقتل من المهاجرين إلا أربعة. وقيل : خمسة. ويكون القائلون منافقي الأنصار جمعهم أب قريب ، أو بعيد ، أو إخوة المعتقد والتآلف ، كقوله» (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (١) وقال :
صفحنا عن بني ذهل |
|
وقلنا القوم إخوان |
والضرب في الأرض : الإبعاد فيها ، والذهاب لحاجة الإنسان. وقال السدي : الضرب هنا السير في التجارة. وقال ابن إسحاق : السير في الطاعات.
وإذا ظرف لما يستقبل. وقالوا : ماض ، فلا يمكن أن يعمل فيه. فمنهم من جرده عن الاستقبال وجعله لمطلق الوقت بمعنى حين ، فاعمل فيه قال : وقال ابن عطية : دخلت إذا وهي حرف استقبال من حيث الذين اسم فيه إبهام يعم من قال في الماضي ، ومن يقول في المستقبل ، ومن حيث هذه النازلة تتصور في مستقبل الزمان. قال الزمخشري : (فإن قلت) : كيف قيل إذا ضربوا في الأرض مع قالوا؟ (قلت) : هو حكاية الحال الماضية ، كقولك : حين تضربون في الأرض انتهى كلامه. ويمكن إقرار إذا على ما استقر لها من الاستقبال ، والعامل فيها مضاف مستقبل محذوف ، وهو لا بد من تقدير مضاف غاية ما فيه أنّا نقدره مستقبلا حتى يعمل في الظرف المستقبل ، لكن يكون الضمير في قوله : لو كانوا عائدا على إخوانهم لفظا ، وعلى غيرهم معنى ، مثل قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) (٢) وقول العرب : عندي درهم ونصفه. وقول الشاعر :
قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا ونصفه فقد |
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٣.
(٢) سورة فاطر : ٣٥ / ١١.