من أخذل رباعيا ، والهمزة فيه للجعل أي : يجعلكم (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) قال ابن عباس ، وعكرمة ، وابن جبير : فقدت قطيفة حمراء من المغانم يوم بدر فقال بعض من كان مع النبي صلىاللهعليهوسلم : لعلّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذها ، فنزلت ، وقائل ذلك مؤمن لم يظن في ذلك حرجا. وقيل : منافق. وروي أن المفقود سيف. وقال النقاش : قالت الرماة يوم أحد : الغنيمة الغنيمة ، أيها الناس إنّا نخشى أن يقول النبي صلىاللهعليهوسلم من أخذ شيئا فهو له ، فلما ذكروا ذلك قال : «خشيتم أن نغل» فنزلت. وروي نحوه عن الكلبي ومقاتل. وقيل غير هذا من ذلك ما قال ابن إسحاق : إنما نزلت إعلاما بأن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يكتم شيئا مما أمر بتبليغه.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها من حيث أنها تضمنت حكما من أحكام الغنائم في الجهاد ، وهي من المعاصي المتوعد عليها بالنار كما جاء في قصة مدعم ، فحذرهم من ذلك. وتقدم لنا الكلام في معنى ما كان لزيد أن يفعل. وقرأ ابن عباس وابن كثير وأبو عمرو وعاصم أن يغلّ من غلّ مبنيا للفاعل ، والمعنى : أنه لا يمكن ذلك منه ، لأن الغلول معصية ، والنبي صلىاللهعليهوسلم معصوم من المعاصي ، فلا يمكن أن يقع في شيء منها. وهذا النفي إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوهم فيه ذلك ، ولا أن ينسب إليه شيء من ذلك. وقرأ ابن مسعود وباقي السبعة : أن يغل بضم الياء وفتح الغين مبنيا للمفعول. فقال الجمهور : هو من غل. والمعنى : ليس لأحد أن يخونه في الغنيمة ، فهي نهي للناس عن الغلول في المغانم ، وخص النبي صلىاللهعليهوسلم بالذكر وإن كان ذلك حراما مع غيره ، لأن المعصية بحضرة النبي أشنع لما يحب من تعظيمه وتوقيره ، كالمعصية بالمكان الشريف ، واليوم المعظم. وقيل : هو من أغل رباعيا ، والمعنى : أنه يوجد غالا كما تقول : أحمد الرجل وجد محمودا. وقال أبو علي الفارسي : هو من أغل أي نسب إلى الغلول. وقيل له : غللت كقولهم : أكفر الرجل ، نسب إلى الكفر.
(وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ظاهر هذا أنه يأتي بعين ما غل ، ورد ذلك في صحيح البخاري ومسلم. ففي الحديث ذكر الغلول وعظمه وعظم أمره ، ثم قال : «لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : ما أملك لك من الله شيئا ، قد أبلغتك» الحديث وكذلك ما جاء في حديث ابن اللتبية : «والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء به يحمله يوم القيامة على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر». وروي عنه أيضا وفرس له حمجة وفي حديث مدعم : «أن الشملة التي غلت من المغانم يوم حنين لتشتعل عليه نارا ومجيئه بما غلّ