(هُمْ دَرَجاتٌ) قال ابن عباس والحسن : لكل درجات من الجنة والنار. وقال أبو عبيدة : كقوله : هم طبقات. وقال مجاهد وقتادة : أي ذوو درجات ، فإن بعض المؤمنين أفضل من بعض. وقيل : يعود على الغال وتارك الغلول ، والدرجة : الرتبة. وقال الرازي : تقديره لهم درجات. قال بعض المصنفين رادّا عليه : اتبع الرّازي في ذلك أكثر المفسرين بجهله وجهلهم بلسان العرب ، لأن حذف لام الجر هنا لا مساغ له ، لأنه إنما تحذف لام الجر في مواضع الضرورة ، أو لكثرة الاستعمال ، وهذا ليس من تلك المواضع. على أن المعنى دون حذفها حسن متمكن جدا ، لأنه لما قال : أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ، وكأنه منتظر للجواب قيل له في الجواب : لا ، ليسوا سواء ، بل هم درجات.
(عِنْدَ اللهِ) على حسب أعمالهم. وهذا معنى صحيح لا يحتاج معه إلى تقدير حذف اللام ، لو كان سائغا كيف وهو غير سائغ انتهى كلام المصنف. ويحمل تفسير ابن عباس والحسن أن المعنى : لكل درجات من الجنة والنار على تفسير المعنى ، لا تفسير اللفظ الأعرابي. والظاهر من قولهم : هم درجات ، أن الضمير عائد على الجميع ، فهم متفاوتون في الثواب والعقاب ، وقد جاء التفاوت في العذاب كما جاء التفاوت في الثواب. ومعنى عند الله على هذا القول : في حكم الله. وقيل : الضمير يعود على أهل الرضوان ، فيكون عند الله معناها التشريف والمكانة لا المكان. كقوله : (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (١) والدرجات إذ ذاك مخصوصة بالجنة وهذا معنى قول : ابن جبير وأبي صالح ومقاتل ، وظاهر ما قاله مجاهد والسدّي. والدرجات المنازل بعضها أغلى من بعض في المسافة أو في التكرمة. وقرأ الجمهور درجات ، فهي مطابقة للفظ هم. وقرأ النخعي درجة بالإفراد.
(وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) أي : عالم بأعمالهم ودرجاتها ، فمجازيهم على حسبها. وتضمنت هذه الآيات الطباق في : ينصركم ويخذلكم ، وفي رضوان الله وبسخط. والتكرار في : ينصركم وينصركم ، وفي الجلالة في مواضع. والتجنيس المماثل : في يغل وما غل. والاستفهام الذي معناه النفي في : أفمن اتبع الآية. والاختصاص في : فليتوكل المؤمنون ، وفي : وما كان لنبي ، وفي : بما يعملون خص العمل دون القول لأن العمل جل ما يترتب عليه الجزاء. والحذف في عدة مواضع.
__________________
(١) سورة القمر : ٥٤ / ٥٥.