وأعالجهم ومعنى : إن كنتم صادقين في دعواكم أنّ الإيمان يلزم بإتيان البينات والقربان ، أو صادقين في أنّ الله عهد إليكم.
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) الخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم وذلك على سبيل التسلية لما ظهر كذبهم على الله بذكر العهد الذي افتروه ، وكان في ضمنه تكذيبه إذ علقوا الإيمان به على شيء مقترح منهم على سبيل التعنت ، ولم يجبهم الله لذلك ، فسلى الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن هذا دأبهم ، وسبق منهم تكذيبهم لرسل جاءوا بما يوجب الإيمان من ظهور المعجزات الواضحة الدلالة على صدقهم ، وبالكتب السماوية الإلهية النيرة المزيلة لظلم الشبه.
والزبر : جمع زبور ، وهو الكتاب سمي بذلك قيل : لأنه مكتوب ، إذ يقال : زبره كتبه. أو لكونه زاجرا من زبره زجره ، وبه سمي كتاب داود زبورا لكثرة ما فيه من الزواجر والمواعظ ، أو لأحكامه. والزبر : الأحكام. وقال الزجاج : الزبور كل كتاب فيه حكمة. قيل : والكتاب هو الزبر. وجمع بين اللفظين على سبيل التأكيد ، أو لاختلاف معنييهما ، مع أن المراد واحد ، ولكن اختلف معنياهما من حيث الصفة. وقيل : الكتاب هنا جنس للتوراة والإنجيل وغيرهما ، ويحتمل أن يراد بقوله : والزبر الزواجر من غير أن يراد به الكتب. أي : جاؤوا بالمعجزات الواضحة والتخويفات والكتب النيرة.
وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه التقدير : وإن يكذبوك فتسلّ به. ولا يمكن أن يكون فقد كذب رسل الجواب لمضيه ، إذ جواب الشرط مستقبل لا محالة لترتبه على المستقبل ، وما يوجد في كلام المعربين أنّ مثل هذا من الماضي هو جواب الشرط ، فهو على سبيل التسامح لا الحقيقة. وبنى الفعل للمفعول لأنه لم يقتصر في تكذيب الرسل على تكذيب اليهود وحدهم لأنبيائهم ، بل نبه على أنّ من عادة اليهود وغيرهم من الأمم تكذيب الأنبياء ، فكان المعنى : فقد كذبت أمم من اليهود وغيرهم الرسل. قيل : ونكر رسل لكثرتهم وشياعهم. ومن قبلك : متعلق بكذب ، والجملة من قوله : جاؤوا في موضع الصفة لرسل انتهى. والباء في بالبينات تحتمل الحال والتعدية ، أي : جاؤوا أممهم مصحوبين بالبينات ، أو جاؤوا البينات. وقرأ الجمهور : والزبر. وقرأ ابن عامر : وبالزبر ، وكذا هي في مصاحف أهل الشام. وقرأ هشام بخلاف عنه وبالكتاب. وقرأ الجمهور : والكتاب. وإعادة حرف الجر في العطف هو على سبيل التأكيد. وكان ذكر