وقد تقدّمت عليه أشياء كثيرة. وقيل : لرؤبة كيف قلت : كأنه في الجلد توليع البهق ، وقد تقدم ، فيها خطوط من سواد وبلق. فقال : أردت كان ذاك. وقيل : يعود على المال ، وهو غير مذكور ، ولكن يدل عليه صدقاتهن. وقيل : يعود على الإيتاء وهو المصدر الدال عليه : وآتوا ، قاله الراغب ، وذكره ابن عطية. ويتعلق المجروران بقوله : طبن ، ومنه في موضع الصفة لشيء ، فيتعلق بمحذوف ، وظاهر من التبعيض. وفيه إشارة إلى أن ما تهبه يكون بعضا من الصداق ، ولذلك ذهب الليث بن سعد إلى أنه لا يجوز تبرعها له إلا باليسير. وقال ابن عطية : ومن تتضمن الجنس هاهنا. وكذلك يجوز أن تهب المهر كله ، ولو وقعت على التبعيض لما جاز ذلك.
وانتصب نفسا على التمييز ، وهو من التمييز المنقول من الفاعل. وإذا جاء التمييز بعد جمع وكان منتصبا عن تمام الجملة ، فإما أن يكون موافقا لما قبله في المعنى ، أو مخالفا فإن كان موافقا طابقه في الجمعية نحو : كرم الزيدون رجالا ، كما يطابق لو كان خبرا ، وإن كان مخالفا ، فإما أن يكون مفردا لمدلول أو مختلفه ، إن كان مفردا لمدلول لزم إفراد اللفظ الدال كقولك في أبناء رجل واحد : كرم بنو فلان أصلا وأبا. وكقولك : زكا الأتقياء منقبا ، وجاد الأذكياء وعيا. وذلك إذا لم تقصد بالمصدر اختلاف الأنواع لاختلاف محاله. وإن كان مختلف المدلول ، فإما أن يلبس أفراده لو أفرد ، أو لا يلبس. فإن ألبس وجبت المطابقة نحو : كرم الزيدون آباء ، أي : كرم آباء الزيدين. ولو قلت : كرم الزيدون أبا ، لأوهم أن أباهم واحد موصوف بالكرم. وإن لم يلبس جاز الإفراد والجمع. والإفراد أولى ، كقوله : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا إذ معلوم أن لكل نفسا ، وإنهن لسن مشتركات في نفس واحدة. وقرّ الزيدون عينا ، ويجوز أنفسا وأعينا. وحسن الإفراد أيضا في الآية ما ذكرناه قبل من محسن تذكير الضمير وإفراده ، وهو أن المعنى : فإن طابت كل واحدة عن شيء منه نفسا.
وقال بعض البصريين : أراد بالنفس الهوى. والهوى مصدر ، والمصادر لا تثنى ولا تجمع. وجواب الشرط : فكلوه ، وهو أمر إباحة. والمعنى : فانتفعوا به. وعبر بالأكل لأنه معظم الانتفاع.
وهنيئا مريئا أي : شافيا سائغا. وقال أبو حمزة : هنيئا لا إثم فيه ، مريئا لأداء فيه. وقيل : هنيئا لذيذا ، مريئا محمود العاقبة. وقيل : هنيئا مريئا أي ما لا تنغيص فيه. وقيل : ما