فيكون هو الموروث لا الوارث. ويوضحه قراءة من كسر الراء. وقال الزمخشري : (فإن قلت) : فإن جعلت يورث على البناء للمفعول من أورث فما وجهه؟ (قلت) : الرجل حينئذ هو الوارث لا الموروث. (فإن قلت) : فالضمير في قوله : فلكل واحد منهما إلى من يرجع حينئذ؟ (قلت) : إلى الرجل وإلى أخيه وأخته ، وعلى الأول إليهما (فإن قلت) : إذا رجع الضمير إليهما أفاد استواءهما في حيازة السدس من غير مفاضلة الذكر والأنثى ، فهل تبقى هذه الفائدة قائمة في هذا الوجه؟ [قلت] : نعم ، لأنك إذا قلت : السدس له ، أو لواحد من الأخ أو الأخت على التخيير ، فقد سويت بين الذكر والأنثى انتهى كلامه. وملخص ما قال : أن يكون المعنى : إن كان أحد اللذين يورثهما غيرهما من رجل أو امرأة له أحد هذين من أخ أو أخت ، فلكل واحد منهما السدس. وعطف وامرأة على رجل ، وحذف منها ما قيد به الرجل لدلالة المعنى ، والتقدير : أو امرة تورث كلالة. وإن كان مجرد العطف لا يقتضي تقييد المعطوف بقيد المعطوف عليه. والضمير في : وله ، عائد على الرجل نظير : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) (١) في كونه عاد على المعطوف عليه. وإن كان يجوز أن يعاد الضمير على المعطوف تقول : زيد أو هند قامت ، نقل ذلك الأخفش والفراء. وقد تقدم لنا ذكر هذا الحكم. وزاد الفراء وجها ثالثا وهو : أن يسند الضمير إليهما. قال الفراء : عادة العرب إذا رددت بين اسمين بأو ، أن تعيد الضمير إليهما جميعا ، وإلى أحدهما أيهما شئت. تقول : من كان له أخ أو أخت فليصله. وإن شئت فليصلها انتهى. وعلى هذا الوجه ظاهر قوله : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) (٢) وقد تأوله من منع الوجه. وأصل أخت إخوة على وزن شررة ، كما أن بنتا أصله بنية على أحد القولين في ابن ، أهو المحذوف منه واو أو ياء؟ قيل : فلما حذفت لام الكلمة وتاء التأنيث ، وألحقوا الكلمة بقفل وجذع بزيادة التاء آخرهما قال الفراء : ضم أول أخت ليدل على أن المحذوف واو ، وكسر أول بنت ليدل على أن المحذوف ياء انتهى. ودلت هذه التاء التي للإلحاق على ما دلت عليه تاء التأنيث من التأنيث. وظاهر قوله : وله أخ أو أخت الإطلاق ، إذ الإخوة تكون بين الأحفاد والأعيان وأولاد العلات ، وأجمعوا على أنّ المراد في هذه الآية الإخوة للأم. ويوضح ذلك قراءة أبيّ وله أخ أو أخت من الأم. وقراءة سعد بن أبي وقاص : وله أخ أو أخت من أم ، واختلاف الحكمين هنا ، وفي آخر السورة يدل على اختلاف المحكوم له ، إذ هنا الابنان أو الإخوة يشتركون في الثلث فقط ذكورا أو إناثا بالسوية بينهم. وهناك يحوزون المال للذكر
__________________
(١) سورة الجمعة : ٦٢ / ١١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٣٥.