بِها) (١) و (تُوصُونَ) و (يُوصِينَ) (٢) ويكون قد حذف مما سبق لدلالة ما بعده عليه ، فلا يختص من حيث المعنى انتفاء الضرر بهذه الآية المتأخرة. قال ابن عباس : الضرار في الوصية من الكبائر ، ورواه عن النبي صلىاللهعليهوسلم. وعنه صلىاللهعليهوسلم من حديث أبي هريرة : «من ضار في وصيته ألقاه الله في وادي جهنم». وقال قتادة : نهى الله عن الضرار في الحياة وعند الممات.
قالوا : وانتصاب غير مضار على الحال من الضمير المستكن في يوصي ، والعامل فيهما يوصي. ولا يجوز ما قالوه ، لأن فيه فصلا بين العامل والمعمول بأجنبي منهما وهو قوله : أو دين. لأن قوله : أو دين ، معطوف على وصية الموصوفة بالعامل في الحال. ولو كان على ما قالوه من الإعراب لكان التركيب من بعد وصية يوصي بها غير مضار أو دين. وعلى قراءة من قرأ : يوصى بفتح الصاد مبنيا للمفعول ، لا يصح أن يكون حالا لما ذكرناه ، ولأنّ المضار لم يذكر لأنه محذوف قام مقامه المفعول الذي لم يسم فاعله ، ولا يصح وقوع الحال من ذلك المحذوف. لو قلت : ترسل الرياح مبشرا بها بكسر الشين ، لم يجز وإن كان المعنى يرسل الله الرياح مبشرا بها. والذي يظهر أنه يقدر له ناصب يدل عليه ما قبله من المعنى ، ويكون عاما لمعنى ما يتسلط على المال بالوصية أو الدين ، وتقديره : يلزم ذلك ماله أو يوجبه فيه غير مضار بورثته بذلك الإلزام أو الإيجاب. وقيل : يضمر يوصي لدلالة يوصي عليه ، كقراءة يسبح بفتح الباء. وقال رجال : أي يسبحه رجال. وانتصاب وصية من الله على أنه مصدر مؤكد أي : يوصيكم الله بذلك وصية ، كما انتصب (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) (٣).
وقال ابن عطية : هو مصدر في موضع الحال ، والعامل يوصيكم. وقيل : هو نصب على الخروج من قوله : (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) (٤) أو من قوله : (فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) (٥) وجوز هو والزمخشري نصب وصية بمضار على سبيل التجوز ، لأن المضارة في الحقيقة إنما تقع بالورثة لا بالوصية ، لكنه لما كان الورثة قد وصى الله تعالى بهم صار الضرر الواقع بالورثة كأنه وقع بالوصية. ويؤيد هذا التخريج قراءة الحسن غير مضار وصية ، فخفض وصية بإضافة مضار إليه ، وهو نظير يا سارق الليلة المعنى : يا سارقا في الليلة ،
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٢.
(٣) سورة النساء : ٤ / ١١.
(٤) سورة النساء : ٤ / ١١.
(٥) سورة النساء : ٤ / ١٢.