غشيانهن ، فنزلت. فالمحصنات هنا المزوجات. والمستثنى هو السبايا ، فإذا وقعت في سهمه من لها زوج فهي حلال له ، وإلى هذا ذهب : أبو سعيد ، وابن عباس ، وأبو قلابة ، ومكحول ، والزهري ، وابن زيد ، وهذا كما قال الفرزدق :
وذات حليل أنكحتها رماحنا |
|
حلال لمن يبني بها لم تطلق |
وقيل : المحصنات المزوجات ، والمستثنى هن الإماء ، فتحرم المزوجات إلا ما ملك منهن بشراء ، أو هبة ، أو صدقة ، أو إرث. فإن مالكها أحق ببضعها من الزوج ، وبيعها ، وهبتها ، والصدقة بها وارثها طلاق لها. وإلى هذا ذهب عبد الله ، وأبي جابر ، وابن عباس أيضا ، وسعيد ، والحسن. وذهب عمرو بن عباس أيضا ، وأبو العالية ، وعبيدة ، وطاووس ، وابن جبير ، وعطاء : إلى أن المحصنات هن العفائف ، وأريد به كل النساء حرام ، والشرائع كلها تقتضي ذلك. والمستثنى معناه : إلا ما ملكت أيمانكم بنكاح أو بملك ، فيدخل ذلك كله تحت ملك اليمين. وبهذا التأويل يكون المعنى تحريم الزنا. وروي عن عمر في المحصنات أنهن الحرائر؟ فعلى هذا يكون قوله : إلا ما ملكت أيمانكم أي بنكاح إن كان الاستثناء متصلا ، وإن كان أريد به الإماء كان منقطعا. قيل : والذي يقتضيه لفظ الإحصان أن تعلق بالقدر المشترك بين معانيه الأربعة ، وإن اختلفت جهات الإحصان ، ويحمل قوله : إلا ما ملكت أيمانكم على ظاهر استعماله في القرآن وفي السنة. وعرف العلماء من أن المراد به الإماء ، ويعود الاستثناء إلى ما صح أن يعود عليه من جهات الإحصان. وكل ما صح ملكها ملك يمين حلت لمالكها من مسبية أو مملوكة مزوجة.
ولم يختلف القراء السبعة في فتح الصاد من قوله : والمحصنات من النساء ، واختلفوا في سوى هذا فقرأ الكسائي : بكسر الصاد ، سواء كان معرفا بالألف واللام ، أم نكرة. وقرأ باقيهم وعلقمة : بالفتح ، كهذا المتفق عليه. وقرأ يزيد بن قطيب : والمحصنات بضم الصاد اتباعا لضمة الميم ، كما قالوا : منتن ، ولم يعتدّوا بالحاجز لأنه ساكن ، فهو حاجز غير حصين. وقال مكي : فائدة قوله : من النساء ، أنّ المحصنات تقع على الأنفس فقوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) (١) لو أريد به النساء خاصة ، لما حدّ من قذف رجلا بنص القرآن ، وأجمعوا على أن حده بهذا النص.
(كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) انتصب بإضمار فعل وهو فعل مؤكد لمضمون الجملة السابقة
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٤.