الامتناع في المكان الحصين للامتناع بالعقاب ، واستعار لكثرة الزنا السفح وهو صب الماء في الأنهار والعيون بتدفق وسرعة ، وكذلك : فآتوهن أجورهن استعار لفظ الأجور للمهور ، والأجر هو ما يدل على عمل ، فجعل تمكين المرأة من الانتفاع بها كأنه عمل تعمله. وفي قوله : طولا استعارة للمهر يتوصل به للغرض ، والطول وهو الفضل يتوصل به إلى معالي الأمور. وفي قوله : يتبعون الشهوات استعار الاتباع والميل اللذين هما حقيقة في الإجرام لموافقة هوى النفس المؤدي إلى الخروج عن الحق. وفي قوله : أن يخفف ، والتخفيف أصله من خفة الوزن وثقل الجرم ، وتخفيف التكاليف رفع مشاقها من النفس ، وذلك من المعاني. وتسمية الشيء بما يؤول إليه في قوله : أن ترثوا النساء كرها ، سمي تزويج النساء أو منعهن للأزواج إرثا ، لأن ذلك سبب الإرث في الجاهلية. وفي قوله : وخلق الإنسان ضعيفا جعله ضعيفا باسم ما يؤول إليه ، أو باسم أصله. والطباق المعنوي في قوله : وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ، وقد فسر الخير الكثير بما هو محبوب. وفي قوله : والمحصنات من النساء ، أي حرام عليكم ثم قال : وأحل لكم. والذي يظهر أنه من الطباق اللفظي ، لأن صدر الآية حرمت عليكم أمهاتكم ، ثم نسق المحرمات ، ثم قال : وأحل لكم ، فهذا هو الطباق. وفي قوله : محصنين غير مسافحين ، والمحصن الذي يمنع فرجه ، والمسافح الذي يبذله. والاحتراس في قوله : اللاتي دخلتم بهن احترز من اللاتي لم يدخل بهن ، وفي وربائبكم اللاتي في حجوركم احترس من اللاتي ليست في الحجور. وفي قوله : والمحصنات من النساء إذ المحصنات قد يراد بها الأنفس المحصنات ، فيدخل تحتها الرجال ، فاحترز بقوله : من النساء. والاعتراض بقوله : والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض. والحذف في مواضع لا يتم المعنى إلا بها.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١) وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى