وما سحتموهم. وقيل : كانوا يتوارثون بالتبني لقوم يموتون قبل الوصية ووجوبها ، فأمر الموصي أن يؤديها إلى ورثة الموصى له. وقيل : المعاقدة هنا الزواج ، والنكاح يسمى عقدا ، فذكر الوالدين والأقربين ، وذكر معهم الزوج والزوجة. وقيل : المعاقدة هنا الولاء. وقيل : هي حلف أبي بكر الصديق أن لا يورث عبد الرحمن شيئا ، فلما أسلم أمره الله أن يؤتيه نصيبه من المال ، قال أبو روق : وفيهما نزلت.
فتلخص من هذه الأقوال في المعاقدة أهي الحلف أن لا يورث الحالف؟ أم المؤاخاة؟ أم التبني؟ أم الوصية المشروحة؟ أم الزواج؟ أم الموالاة؟ سبعة أقوال. قال ابن عطية : ولفظة المعاقدة والإيمان ترجح أنّ المراد الأحلاف ، لأنّ ما ذكر من غير الأحلاف ليس في جميعه معاقدة ولا أيمان انتهى.
وكيفية الحلف في الجاهلية : كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وثاري ثارك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك ، وتعقل عني وأعقل عنك. فيكون للحليف التسدس من ميراث الحليف ، فنسخ الله ذلك. وعلى الأقوال السابقة جاء الخلاف في قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) أهو منسوخ أم لا؟ وقد استدل بها على ميراث مولى الموالاة وبه قال : أبو يوسف ، وأبو حنيفة ، وزفر ، ومحمد ، قالوا : من أسلم على يد رجل ووالاه وعاقده ثم مات ولا وارث له غيره ، فميراثه له. وروي نحوه عن يحيى بن سعيد ، وربيعة ، وابن المسيب ، والزهري ، وابراهيم ، والحسن ، وعمر ، وابن مسعود. وقال مالك ، وابن شبرمة ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي : ميراثه للمسلمين. وقد أطال الكلام في هذه المسألة أبو بكر الرازي ناصرا مذهب أبي حنيفة.
وقرأ الكوفيون : عقدت بتخفيف القاف من غير ألف ، وشدّد القاف حمزة من رواية عليّ بن كبشة ، والباقون عاقدت بألف ، وجوزوا في إعراب الذين وجوها. أحدها : أن يكون مبتدأ والخبر فآتوهم. والثاني : أن يكون منصوبا من باب الاشتغال نحو : زيدا فاضربه. الثالث : أن يكون مرفوعا معطوفا على الوالدان والأقربون ، والضمير في فآتوهم عائد على موالي إذا كان الوالدان ومن عطف عليه موروثين ، وإن كانوا وارثين فيجوز أن يعود على موالي ، ويجوز أن يعود على الوالدين والمعطوف عليه. الرابع : أن يكون منصوبا معطوفا على موالي قاله : أبو البقاء ، وقال : أي وجعلنا الذين عاقدت ورّاثا ، وكان ذلك ونسخ انتهى. ولا يمكن أن يكون على هذا التقدير الذي قدّره أن يكون معطوفا على موالي