هذا الجنس قوام على هذا الجنس. وقال ابن عباس : قوّامون مسلطون على تأديب النساء في الحق. ويشهد لهذا القول طاعتهن لهم في طاعة الله. وقوام : صفة مبالغة ، ويقال : قيام وقيم ، وهو الذي يقوم بالأمر ويحفظه. وفي الحديث : «أنت قيّام السموات والأرض ومن فيهن» والباء في بما للسبب ، وما مصدرية أي : بتفضيل الله. ومن جعلها بمعنى الذي فقد أبعد ، إذ لا ضمير في الجملة وتقديره محذوفا لا مسوّغ لحذفه ، فلا يجوز.
والضمير في بعضهم عائد على الرجال والنساء. وذكر تغليبا للمذكر على المؤنث ، والمراد بالبعض الأول الرجال ، وبالثاني النساء. والمعنى : أنهم قوّامون عليهن بسبب تفضيل الله الرجال على النساء ، هكذا قرروا هذا المعنى. قالوا : وعدل عن الضميرين فلم يأت بما فضل الله عليهن لما في ذكر بعض من الإبهام الذي لا يقتضي عموم الضمير ، فرب أنثى فضلت ذكرا. وفي هذا دليل على أن الولاية تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة ، وذكروا أشياء مما فضل به الرجال على النساء على سبيل التمثيل. فقال الربيع : الجمعة والجماعة. وقال الحسن : النفقة عليهن. وينبو عنه قوله : وبما أنفقوا. وقيل : التصرف والتجارات. وقيل : الغزو ، وكمال الدين ، والعقل. وقيل : العقل والرأي ، وحل الأربع ، وملك النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، وكمال العبادات ، وفضيلة الشهادات ، والتعصيب ، وزيادة السهم في الميراث ، والديات ، والصلاحية للنبوة ، والخلافة ، والإمامة ، والخطابة ، والجهاد ، والرمي ، والآذان ، والاعتكاف ، والحمالة ، والقسامة ، وانتساب الأولاد ، واللحى ، وكشف الوجوه ، والعمائم التي هي تيجان العرب ، والولاية ، والتزويج ، والاستدعاء إلى الفراش ، والكتابة في الغالب ، وعدد الزوجات ، والوطء بملك اليمين (١).
وبما أنفقوا من أموالهم : معناه عليهن ، وما : مصدرية ، أو بمعنى الذي ، والعائد محذوف فيه مسوّغ الحذف. قيل : المعنى بما أخرجوا بسبب النكاح من مهورهن ، ومن النفقات عليهن المستمرة. وروى معاذ : أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها». قال القرطبي : فهم الجمهور من قوله : وبما أنفقوا من أموالهم ، أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها ، وإذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد لزوال المعقود الذي شرع لأجله النكاح. وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على
__________________
(١) هكذا وجد بياض في نسخة الأصل التي بأيدينا وكذا عموم النسخ التي قوبلت عليها ا ه. مصححه.