وأما انتصابه على المدح ، فقال الزمخشري : فإن قلت أليس من حق المنتصب على المدح أن يكون معرفة ، كقولك : الحمد لله الحميد ، «إنا معشر الأنبياء لا نورث».
إنا بني نهشل لا ندعى لأب؟
قلت : قد جاء نكرة في قول الهذلي :
ويأوي إلى نسوة عطل |
|
وشعثا مراضيع مثل السعالي |
انتهى سؤاله وجوابه. وفي ذلك تخليط ، وذلك أنه لم يفرّق بين المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم ، وبين المنصوب على الاختصاص ، وجعل حكمهما واحدا ، وأورد مثالا من المنصوب على المدح وهو : الحمد لله الحميد ، ومثالين من المنصوب على الاختصاص وهما : «إنا معشر الأنبياء لا نورث».
إنا بني نهشل لا ندعى لأب
والذي ذكر النحويون أن المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم قد يكون معرفة ، وقبله معرفة يصلح أن يكون تابعا لها ، وقد لا يصلح ، وقد يكون نكرة كذلك ، وقد يكون نكرة وقبلها معرفة ، فلا يصلح أن يكون نعتا لها نحو قول النابغة :
أقارع عوف لا أحاول غيرها |
|
وجوه قرود يبتغي من يخادع |
فانتصب : وجوه قرود ، على الذم. وقبله معرفة وهو قوله : أقارع عوف.
وأما المنصوب على الاختصاص فنصبوا على أنه لا يكون نكرة ولا مبهما ، ولا يكون إلّا معرفا بالألف واللام ، أو بالإضافة ، أو بالعلمية ، أو بأي ، ولا يكون إلّا بعد ضمير متكلم مختص به ، أو مشارك فيه ، وربما أتى بعد ضمير مخاطب. وأما انتصابه على أنه صفة للمنفي فقال الزمخشري :
فإن قلت : هل يجوز أن يكون صفة للمنفي كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو؟
قلت : لا يبعد ، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف ، ثم قال : وهو أوجه من انتصابه عن فاعل : شهد ، وكذلك انتصابه على المدح. انتهى. وكان قد مثل في الفصل بين الصفة والموصوف بقوله : لا رجل إلّا عبد الله شجاعا. ويعني أن انتصاب : قائما ، على أنه صفة لقوله : إله ، أو لكونه انتصب على المدح أوجه من انتصابه على الحال من فاعل : شهد ، وهو الله. وهذا الذي ذكره لا يجوز ، لأنه فصل بين الصفة والموصوف