قائم ، فأما انتصابه على الحال من اسم الله فعاملها شهد ، إذ هو العامل في الحال ، وهي في هذا الوجه حال لازمة ، لأن القيام بالقسط وصف ثابت لله تعالى.
وقال الزمخشري : وانتصابه على أنه حال مؤكدة منه ، أي : من الله ، كقوله (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١). انتهى. وليس من الحال المؤكدة ، لأنه ليس من باب : (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) (٢) ولا من باب : أنا عبد الله شجاعا. فليس (قائِماً بِالْقِسْطِ) بمعنى : شهد ، وليس مؤكدا مضمون الجملة السابقة في نحو : أنا عبد الله شجاعا ، وهو زيد شجاعا. لكن في هذا التخريج قلق في التركيب ، إذ يصير كقولك : أكل زيد طعاما وعائشة وفاطمة جائعا. فيفصل بين المعطوف عليه والمعطوف بالمفعول ، وبين الحال وذي الحال بالمفعول والمعطوف ، لكن بمشيئة كونها كلها معمولة لعامل واحد ، وأما انتصابه على الحال من الضمير الذي هو : هو ، فجوّزه الزمخشري وابن عطية.
قال الزمخشري : فإن قلت : قد جعلته حالا من فاعل : شهد ، فهل يصح أن ينتصب حالا من : هو ، في : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)؟
قلت : نعم! لأنها حال مؤكدة ، والحال المؤكدة لا تستدعي أن يكون في الجملة التي هي زيادة في فائدتها عامل فيها ، كقوله : أنا عبد الله شجاعا. انتهى. ويعني. أن الحال المؤكدة لا يكون العامل فيها النصب شيئا من الجملة السابقة قبلها ، وإنما ينتصب بعامل مضمر تقديره : أحق ، أو نحوه مضمرا بعد الجملة ، وهذا قول الجمهور. والحال المؤكدة لمضمون الجملة هي الدالة على معنى ملازم للمسند إليه الحكم ، أو شبيه بالملازم ، فإن كان المتكلم بالجملة مخبرا عن نفسه ، فيقدر الفعل : أحق ، مبنيا للمفعول ، نحو : أنا عبد الله شجاعا ، أي : أحق شجاعا. وإن كان مخبرا عن غيره نحو : هو زيد شجاعا ، فتقديره : أحقه شجاعا.
وذهب الزجاج إلى أن العامل في هذه الحال هو الخبر بما ضمن من معنى المسمى ، وذهب ابن خروف إلى أنه المبتدأ بما ضمن من معنى التنبيه. وأما من جعله حالا من الجميع ، على ما ذكر ، فرد بأنه لو جاز ذلك لجاز : جاء القوم راكبا ، أي : كل واحد منهم. وهذا لا تقوله العرب.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٩١.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ١٥.