قال ابن جني : على الحال من الضمير في المستغفرين. وقيل : نصب على المدح ، وهو جمع شهداء ، وجمع شاهد : كظرفاء وعلماء. وروي عنه ، وعن أبي نهيك : شهداء الله ، بالرفع أي : هم شهداء الله. وفي القراءتين : شهداء ، مضاف إلى اسم الله.
وروي عن أبي المهلب : شهد بضم الشين والهاء ، جمع : شهيد ، كنذير ونذر ، وهو منصوب على الحال ، واسم الله منصوب. وذكر النقاش : أنه قرىء كذلك بضم الدال وبفتحها مضافا لاسم الله في القراءتين.
وذكر الزمخشري ، أنه قرىء : شهداء لله ، برفع الهمزة ونصبها ، وبلام الجر داخلة على اسم الله ، فوجه النصب على الحال من المذكورين ، والرفع على إضمارهم ، ووجه رفع الملائكة على هاتين القراءتين عطفا على الضمير المستكن في شهداء ، وجاز ذلك لوقوع الفاصل بينهما. وتقدم توجيه رفع الملائكة إما على الفاعلية ، وإما على الابتداء.
وقرأ أبو عمرو بخلاف عنه بإدغام : واو ، وهو في : واو ، والملائكة. وقرأ ابن عباس : (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بكسر الهمزة في : أنه ، وخرج ذلك على أنه أجرى : شهد ، مجرى : قال ، لأن الشهادة في معنى القول ، فلذلك كسر إن ، أو على أن معمول : شهد ، هو (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (١) ويكون قوله : (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) جملة اعتراض بين المعطوف عليه والمعطوف ، إذ فيها تسديد لمعنى الكلام وتقوية ، هكذا خرجوه. والضمير في : أنه ، يحتمل أن يكون عائدا على : الله ، ويحتمل أن يكون ضمير الشأن ، ويؤيد هذا قراءة عبد الله (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ففي هذه القراءة يتعين أن يكون المحذوف إذا خففت ضمير الشأن ، لأنها إذا خففت لم تعمل في غيره إلّا ضرورة ، وإذا عملت فيه لزم حذفه.
قالوا : وانتصب : (قائِماً بِالْقِسْطِ) على الحال من اسم الله تعالى ، أو من : هو ، أو من الجميع ، على اعتبار كل واحد واحد ، أو على المدح ، أو صفة للمنفي ، كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلّا هو. أو : على القطع ، لأن أصله : القائم ، وكذا قرأ ابن مسعود ، فيكون كقوله : (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) (٢) أي الواصب.
وقرأ أبو حنيفة : قيما ، وانتصابه على ما ذكر. وذكر السجاوندي : أن قراءة عبد الله :
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٩.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٥٢.