وقد نظرتكم أثناء صادرة |
|
للخمس طال بها مسحى وابساسي |
وقالت فرقة : معناه انظر إلينا ، وكأنه استدعاء اهتبال وتحف منهم. ومنه قول ابن قيس الرقيات :
ظاهرات الجمال والحسن ينظرن كما تنظر الأراك الظباء.
وقرأ أبي : وأنظرنا من الإنظار وهو الإمهال. قال الزمخشري : المعنى ولو ثبت قولهم سمعنا وأطعنا لكان قولهم ذلك خيرا لهم وأقوم وأعدل وأسد انتهى. فسبك من أنهم قالوا مصدرا مرتفعا يثبت على الفاعلية ، وهذا مذهب المبرد خلافا لسيبويه. إذ يرى سيبويه أنّ أن بعد لو مع ما عملت فيه مقدر باسم مبتدأ ، وهل الخبر محذوف ، أم لا يحتاج إلى تقدير خبر لجريان المسند والمسند إليه في صلة أن؟ قولان أصحهما هذا. فالزمخشري وافق مذهب المبرد ، وهو مذهب مرجوح في علم النحو.
(وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ) أي : أبعدهم الله عن الهدى بسبب كفرهم السابق. وقال الزمخشري : أي خذلهم بسبب كفرهم وأبعدهم عن ألطافه انتهى. وهذا على طريقة الاعتزالي.
(فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) استثناء من ضمير المفعول في لعنهم أي : إلا قليلا لم يلعنهم فآمنوا ، أو استثناء من الفاعل في : فلا يؤمنون ، أي : إلا قليلا فآمنوا كعبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار ، وغيرهما. أو هو راجع إلى المصدر المفهوم من قوله : فلا يؤمنون أي : إلا إيمانا قليلا قلله إذ آمنوا بالتوحيد ، وكفروا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبشرائعه. وقال الزمخشري : إلا إيمانا قليلا أي : ضعيفا ركيكا لا يعبأ به ، وهو إيمانهم بمن خلقهم مع كفرهم بغيره. وأراد بالقلة العدم كقوله : قليل التشكي للهموم تصيبه. أي عديم التشكي.
وقال ابن عطية : من عبر بالقلة عن الإيمان قال : هي عبارة عن عدمه على ما حكى سيبويه من قولهم : أرض قلما تنبت كذا ، وهي لا تنبته جملة. وهذا الذي ذكره الزمخشري وابن عطية من أن التقليل يراد به العدم هو صحيح في نفسه ، لكن ليس هذا التركيب الاستثنائي من تراكيبه. فإذا قلت : لا أقوم إلا قليلا ، لم يوضع هذا لانتفاء القيام البتة ، بل هذا يدل على انتفاء القيام منك إلا قليلا فيوجد منك. وإذا قلت : قلما يقوم أحد إلا زيد ، وأقل رجل يقول ذلك احتمل هذا ، أن يراد به التقليل المقابل للتكثير ، واحتمل أن يراد به النفي المحض. وكأنك قلت : ما يقوم أحد إلا زيد ، وما رجل يقول ذلك. إمّا أن تنفي ثم توجب