وأما على قراءة ابن عباس فكذلك نقول ، ولا نجعل : أن الدين معمولا : لشهد ، كما فهموا ، وان : أنه لا إله إلّا هو ، اعتراض ، وأنه بين المعطوف والحال وبين : أن الدين ، اعتراض آخر ، أو اعتراضان ، بل نقول : معمول : شهد ، إنه بالكسر على تخريج من خرج أن شهد ، لما كان بمعنى القول كسر ما بعدها إجراء لها مجرى القول ، أو نقول : إنه معمولها ، وعلقت ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي بخلاف أن لو كان مثبتا ، فإنك تقول : شهدت إن زيدا المنطلق ، فيعلق بأن مع وجود اللام لأنه لو لم تكن اللام لفتحت أن فقلت : شهدت أن زيدا منطلق ، فمن قرأ بفتح : أنه ، فإنه لم ينو التعليق ، ومن كسر فإنه نوى التعليق. ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي كما ذكرنا.
والإسلام : هنا الإيمان والطاعات ، قاله أبو العالية ، وعليه جمهور المتكلمين ، وعبر عنه قتادة ، ومحمد بن جعفر بن الزبير بالإيمان ومرادهما أنه مع الأعمال. وقرأ عبد الله : إن الدين عند الله الحنيفية.
قال ابن الانباري : ولا يخفى على ذي تمييز أن هذا كلام من النبي صلىاللهعليهوسلم على جهة التفسير ، أدخله بعض من ينقل الحديث في القراآت ، وقد تقدّم الكلام في الإسلام والإيمان : أهما شيء واحد أم هما مختلفان؟ والفرق ظاهر في حديث سؤال جبريل.
(وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي : اليهود والنصارى ، أو هما والمجوس ، أقوال ثلاثة :
فعلى أنهم اليهود ، وهو قول الربيع بن أنس ، الذين اختلفوا فيه التوراة. قال : لما حضرت موسى عليهالسلام الوفاة ، استودع سبعين من أحبار بني إسرائيل التوراة عند كل حبر جزء ، واستخلف يوشع ، فلما مضى ثلاثة قرون وقعت الفرقة بينهم.
وقيل : الذين اختلفوا فيه نبوة نبينا صلىاللهعليهوسلم ، فقال بعضهم : بعث إلى العرب خاصة ، وقال بعضهم : ليس بالنبي المبعوث لأن ذلك حقق في بني إسحاق.
وعلى أنهم النصارى ، وهو قول محمد بن جعفر بن الزبير ، فالذي اختلفوا فيه : دينهم ، أو أمر عيسى ، أو دين الإسلام. ثلاثة أقوال.
وقال الزمخشري : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، واختلفوا أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل من بعد ما جاءهم العلم أنه الحق الذي لا محيد عنه ، فثلثت