النصارى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (١) ، وقالوا : كنا أحق بأن تكون النبوة فينا من قريش لأنهم أمّيّون ، ونحن أهل كتاب ، وهذا تجوير لله تعالى. انتهى.
ثم قال : وقيل : اختلافهم في نبوة محمد عليهالسلام ، حيث آمن به بعض وكفر بعض ، وقيل : اختلافهم في الإيمان بالأنبياء فمنهم من آمن بموسى ، ومنهم من آمن بعيسى. انتهى.
والذي يظهر أن اللفظ عام في (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وأن المختلف فيه هو : الإسلام ، لأنه تعالى قرر أن الدين هو الإسلام ، ثم قال : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي : في الإسلام حتى تنكبوه إلى غيره من الأديان.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) الذي هو سبب لاتباع الإسلام ، والاتفاق على اعتقاده ، والعمل به ، لكن عموا عن طريق العلم وسلوكه بالبغي الواقع بينهم من الحسد ، والاستئثار بالرياسة ، وذهاب كل منهم مذهبا يخالف الإسلام حتى يصير رأسا يتبع فيه ، فكانوا ممن ضل على علم. وقد تقدّم ما يشبه هذا من قوله (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) (٢).
(بَغْياً بَيْنَهُمْ) وإعراب : بغيا ، فإنه أتى بعد إلّا شيئان ظاهرهما أنهما مستثنيان ، وتخريج ذلك : فأغنى عن إعادته هنا.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) هذا عام في كل كافر بآيات الله ، فلا يخص بالمختلفين من أهل الكتاب ، وإن جاءت الجملة الشرطية بعد ذكرهم.
وآياته ، هنا قيل : حججه ، وقيل : التوراة والإنجيل وما فيهما من وصف نبينا صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : القرآن ، وقال الماتريدي : أي من المختلفين.
وتقدّم تفسير : سريع الحساب ، فأغنى عن إعادته ، وهذه الجملة جواب الشرط ، والعائد منها على اسم الشرط محذوف تقديره : سريع الحساب له.
(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) الضمير في : حاجوك ، الظاهر أنه يعود على (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وقال أبو مسلم : يعود على جميع الناس ، لقوله بعد (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ) وقيل : يعود على نصارى نجران ، قدموا المدينة للمحاجة. وظاهر
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٣٠.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢١٣.