وحسن بسكون السين وهي لغة تميم. ويجوز : وحسن بسكون السين وضم الحاء على تقدير نقل حركة السين إليها ، وهي لغة بعض بني قيس. قال الزمخشري : وحسن أولئك رفيقا فيه معنى التعجب ، كأنه قيل : وما أحسن أولئك رفيقا. ولاستقلاله بمعنى التعجب قرىء : وحسن بسكون السين. يقول المتعجب. وحسن الوجه وجهك بالفتح والضم مع التسكين انتهى كلامه. وهو تخليط ، وتركيب مذهب على مذهب. فنقول : اختلفوا في فعل المراد به المدح والذم ، فذهب الفارسي وأكثر النحويين إلى جواز إلحاقه بباب نعم وبئس فقط ، فلا يكون فاعلا إلا بما يكون فاعلا لهما. وذهب الأخفش والمبرد إلى جواز إلحاقه بباب نعم وبئس ، فيجعل فاعلها كفاعلهما ، وذلك إذا لم يدخله معنى التعجب. وإلى جواز إلحاقه بفعل التعجب فلا يجري مجرى نعم وبئس في الفاعل ، ولا في بقية أحكامهما ، بل يكون فاعله ما يكون مفعولا لفعل التعجب ، فيقول : لضربت يدك ولضربت اليد. والكلام على هذين المذهبين تصحيحا وإبطالا مذكور في علم النحو. والزمخشري لم يتبع واحدا من هذين المذهبين ، بل خلط وركب ، فأخذ التعجب من مذهب الأخفش ، وأخذ التمثيل بقوله : وحسن الوجه وجهك ، وحسن الوجه وجهك من مذهب الفارسي. وأما قوله : ولاستقلاله بمعنى التعجب ، قرىء : وحسن بسكون السين ، وذكر أن المتعجب يقول : وحسن وحسن ، فهذا ليس بشيء ، لأن الفرّاء ذكر أن تلك لغات للعرب ، فلا يكون التسكين ، ولا هو والنقل لأجل التعجب.
(ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) الظاهر أن الإشارة إلى كينونة المطيع من النبيين ، ومن عطف عليهم ، لأنه هو المحكوم به في قوله : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ) وكأنه على تقدير سؤال أي : وما الموجب لهم استواؤهم مع النبيين في الآخرة ، مع أن الفرق بينهم في الدنيا بيّن؟ فذكر أنّ ذلك بفضله ، لا بوجوب عليه. ومع استوائهم معهم في الجنة فهم متباينون في المنازل.
وقيل : الإشارة إلى الثواب في قوله أجرا عظيما. وقيل : إلى الطاعة. وقيل : إلى المرافقة. وقال الزمخشري : إنّ ما أعطى المطيعون من الأجر العظيم ومرافقة المنعم عليهم من الله ، لأنه تفضل به عليهم تبعا لثوابهم ، وذلك مبتدأ والفضل خبره ، ومن الله حال ، ويجوز أن يكون الفضل صفة ، والخبر من الله ، ويجوز أن يكونا خبرين على مذهب من يجيز ذلك.