والزجاج : هو معطوف على سبيل الله أي : في سبيل الله ، وفي خلاص المستضعفين. وقرأ ابن شهاب : في سبيل المستضعفين بغير واو عطف. فإما أن يخرج على إضمار حرف العطف ، وإما على البدل من سبيل الله أي : في سبيل الله سبيل المستضعفين لأنه سبيل الله تعالى. وأجاز الزمخشري أن يكون : والمستضعفين منصوبا على الاختصاص يعني : واختص من سبيل الله خلاص المستضعفين ، لأن سبيل الله عام في كل خير ، وخلاص المستضعفين من المسلمين من أيدي الكفار من أعظم الخير وأخصه انتهى كلامه. ولا حاجة إلى تكلف نصبه على الاختصاص ، إذ هو خلاف الظاهر.
ويعني بالمستضعفين من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال قريش وأذاهم ، إذ كانوا لا يستطيعون خروجا ، ولا تطيب لهم على الأذى إقامة. ومن المستضعفين : عبد الله بن عباس وأمه ، وقد دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنجاة للمستضعفين من المؤمنين وسمى منهم : الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة. وقوله : من الرجال والنساء والولدان تبيين للمستضعفين.
والظاهر أنّ الولدان المراد به الصبيان ، وهو جمع وليد. قيل : وقد يكون جمع ولد ، كورل وورلان. ونبه على الولدان تسجيلا بإفراط ظلم من ظلمهم ، وهم غير مكلفين ليتأذى بذلك آباؤهم ، ولأنهم كانوا يشركون آباءهم في الدعاء طلبا لرحمة الله تعالى ، وتخليصهم من أذى الكفار. وهم أقرب إلى الإجابة حيث لم تكن لهم ذنوب كما فعل قوم يونس ، وكما هي السنة في خروج الصبيان في الاستسقاء. وقيل : المراد بقوله من الرجال والنساء الأحرار ، وبالولدان العبيد لأنه يطلق على العبد وليد ، وعلى الأمة وليدة وغلب المذكر على المؤنث إذ درج المؤنث في جمع المذكر و (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا) ليس لهم من القوة والمنعة من الظلم إلا بالدعاء والاستنصار بالله تعالى ، والقرية هنا مكة بإجماع.
وتكلموا في جريان الظالم وهو مذكر على القرية وهو مؤنث ، وهذا من واضح النحو. وقال الزمخشري : لو أنث فقيل : الظالمة ، أو جمع فقيل : الظالمين ، وأجاب عن ذلك وهذا لم يقرأ به ، فيحتاج إلى الكلام فيه. ولو تعرضنا لما يجوز في العربية في تراكيب القرآن لطال ذلك وخرجنا به عن طريقة التفسير. ووصف أهلها بالظلم إمّا لإشراكهم ، وإمّا لما حصل منهم من شدة الوطأة على المؤمنين وإذلالهم.
قال ابن عطية : والآية تتناول المؤمنين والأسرى ، وحواضر الشرك إلى يوم القيامة