وغير إنساني» (١).
ونحن في مقام التوضيح نلمح إلى الأمور التالية :
أولا : إن بني قريظة أنفسهم قد رفضوا النزول على حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» وقبلوا بالنزول على حكم حليفهم سيد الأوس ، سعد بن معاذ ، الأمر الذي يشير إلى أنهم كانوا يسيئون الظن فيما يرتبط بحكم رسول الله عليهم ، ولا يثقون به.
أو فقل : لا يعتمدون على كرمه وحلمه وسماحته ، وإمكانية صفحه عنهم ، رغم أننا لا نستبعد صفحه «صلى الله عليه وآله» لو أنهم قبلوا بالنزول على حكمه.
ويرون أن سعد بن معاذ وهو من الأوس ـ حلفائهم في الجاهلية ـ أقرب إلى أن يعاملهم بالصفح والعفو والكرم. وذلك حسب منطقهم الجاهلي ، الجاهل بحقيقة الإسلام ، وبما أحدثه في عقلية الناس ونفوسهم من تغيرات.
ثانيا : إن جريمة بني قريظة تختلف في حجمها وفي خطورتها على الإسلام والمسلمين ولا تقاس بجريمة بني النضير وقينقاع.
فقد تحرك بنو قريظة في خط الخيانة ، وتوغلوا فيها إلى درجة أصبح معها أساس الإسلام في خطر أكيد ، وشديد ، لا سيما وأن ما بنوا عليه كل مواقفهم هو استئصال شأفة الإسلام وإبادة الوجود الإسلامي بصورة تامة وحاسمة. ولم يكن بنو النضير ولا بنو قينقاع قد توغلوا في أمر الخيانة إلى هذا الحد.
مع الإشارة إلى : أن هدف بني قريظة كان في مستوى الحسابات العملية
__________________
(١) محمد في المدينة ص ٣٢٧.