أبي لبابة كانت ظاهرية لا واقع وراءها.
ومن جهة أخرى : فإن أبا لبابة لم يخلط بين العمل الصالح والآخر السيئ ، بل ما صدر منه هو محض العمل السيئ ، المتمثل بالخيانة ، ثم أتبعه بالتظاهر بالتوبة.
٤ ـ روي عن ابن عباس من وجوه : أن آية سورة التوبة قد نزلت في أبي لبابة ، ونفر معه سبعة ، أو ثمانية ، أو سبعة سواه ، تخلفوا عن غزوة تبوك ، ثم ندموا فتابوا ، وربطوا أنفسهم بالسواري الخ .. (١).
٥ ـ روي عن ابن عباس ، وابن المسيب : أن آية سورة الأنفال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا ..) قد نزلت في أبي لبابة حين تخلف عن غزوك تبوك (٢).
٦ ـ إن آية سورة المائدة تثبت الكفر والنفاق لأبي لبابة. مع أن التاريخ لا يحدثنا أنه كان من المنافقين.
إلا أن يقال : إن التاريخ إنما يثبت لنا ظواهر الأشخاص ، ولا يمكنه الكشف عن بواطنهم وقلوبهم ، فإذا جاء النص القرآني فهو المعيار. إذا ثبت أن هذه الآية قد نزلت في أبي لبابة.
٧ ـ إن آية سورة المائدة أيضا لا تنطبق على قصة أبي لبابة ، لأنها أيضا قد تحدثت عن جماعة من الناس كانوا يسارعون في الكفر وقضية أبي لبابة هي قضية شخص واحد.
أضف إلى ذلك : أن أبا لبابة ـ كما تحكي لنا قصته ـ لم يكن يسارع في
__________________
(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٧١. وراجع : شرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٤. وفيهم : أنهم كانوا عشرة.
(٢) راجع : تاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٧ و ٢٥٨.