البيضاء ، وإذا بها رجال من قريش يتسمعون الأخبار ، قد بلغهم : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد سار إلى خيبر ، وعرفوا أنها قرية الحجاز أنفة ومنعة ، وريفا ، ورجالا ، وسلاحا.
فهم يتحسبون (لعل الصحيح : يتجسسون) الأخبار ، مع ما كان بينهم من الرهان ، على مائة بعير ، على أن النبي «صلىاللهعليهوآله» يغلب أهل خيبر أو لا.
فلما رأوني قالوا : الحجاج بن علاط عنده ـ والله ـ الخبر ـ ولم يكونوا علموا بإسلامي ـ : يا حجاج ، إنه قد بلغنا : أن القاطع (١) قد سار إلى خيبر ، بلد يهود ، وريف الحجاز؟
فقلت : بلغني أنه قد سار إليها ، وعندي من الخبر ما يسركم.
فالتبطوا بجانبي راحلتي ، يقولون : إيه يا حجاج؟؟
فقلت : لم يلق محمد وأصحابه قوما يحسنون القتال غير أهل خيابر ، كانوا قد ساروا في العرب يجمعون له الجموع ، وجمعوا له عشرة آلاف ، فهزم هزيمة لم يسمع بمثلها قط ، وأسر محمد أسرا.
فقالوا : لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة ، فنقتله بين أظهرهم ، بمن قتل منا ومنهم.
ولهذا فإنهم يرجعون إليكم يطلبون الأمان في عشائرهم ، ويرجعون إلى ما كانوا عليه ، فلا تقبلوا منهم ، وقد صنعوا بكم ما صنعوا.
__________________
(١) أي قاطع الرحم. كانوا يصفون رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بذلك كذبا وزورا ، وإمعانا في البغي عليه.