قال : فصاحوا بمكة ، وقالوا : قد جاءكم الخبر ، هذا محمد ، إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم ، فيقتل بين أظهركم.
وقلت : أعينوني على جمع مالي على غرمائي ، فإني أريد أن أقدم فأصيب من غنائم محمد وأصحابه : قبل أن تسبقني التجار إلى ما هناك.
فقاموا فجمعوا إليّ مالي كأحثّ جمع سمعت به.
وجئت صاحبتي فقلت لها : مالي ، لعلي ألحق بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقني التجار.
وفشا ذلك بمكة ، وأظهر المشركون الفرح والسرور ، وانكسر من كان بمكة من المسلمين.
وسمع بذلك العباس بن عبد المطلب ، فقعد ، وجعل لا يستطيع أن يقوم ، فأشفق أن يدخل داره فيؤذى ، وعلم أنه يؤذى عند ذلك ، فأمر بباب داره أن يفتح ، وهو مستلق ، فدعا بقثم ، فجعل يرتجز ويرفع صوته لئلا يشمت به الأعداء.
وحضر باب العباس بين مغيظ ومحزون ، وبين شامت ، وبين مسلم ومسلمة مقهورين بظهور الكفر ، والبغي.
فلما رأى المسلمون العباس طيبة نفسه ، طابت أنفسهم ، واشتدت منتهم ، فدعا غلاما له يقال له : أبو زبيبة.
فقال : اذهب إلى الحجاج ، فقل له : يقول لك العباس : الله أعلى وأجل من أن يكون الذى جئت به حقا.
فقال له الحجاج : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له : ليخل لي في بعض بيوته ، لآتيه بالخبر على ما يسره ، واكتم عني.