وأقبل أبو زبيبة يبشر العباس ، فقال : أبشر يا أبا الفضل ، فوثب العباس فرحا كأن لم يمسه شيء ، ودخل عليه أبو زبيبة ، واعتنقه العباس ، وأعتقه ، وأخبره بالذى قاله.
فقال العباس : لله عليّ عتق عشر رقاب ، فلما كان ظهرا ، جاءه الحجاج ، فناشده الله : لتكتمن علي ثلاثة أيام ، ويقال : يوما وليلة ، فوافقه العباس على ذلك.
فقال : إني قد أسلمت ، ولي مال عند امرأتي ، ودين على الناس ، ولو علموا بإسلامي لم يدفعوه إلي ، وتركت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وقد فتح خيبر ، وجرت سهام الله تعالى ورسوله «صلىاللهعليهوآله» فيها ، وانتشل ما فيها ، وتركته عروسا بابنة مليكهم حيي بن أخطب ، وقتل ابن أبي الحقيق.
فلما أمسى الحجاج من يومه خرج ، وطالت على العباس تلك الليالي ، ويقال : إنما انتظره العباس يوما وليلة.
فلما كان بعد ثلاث ، والناس يموجون في شأن ما تبايعوا عليه ، عمد العباس إلى حلة فلبسها ، وتخلق بخلوق ، وأخذ بيده قضيبا ، ثم أقبل يخطر ، حتى وقف على باب الحجاج بن علاط ، فقرعه ، فقالت زوجته : ألا تدخل يا أبا الفضل؟
قال : فأين زوجك؟
قالت : ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذى بلغك.
قال : أجل ، لا يحزنني الله ، لم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا ، فتح الله على