رَبِّكَ) (١) : أن الظاهر هو : أن السور كلها كانت تنزل دفعة واحدة ، باستثناء بعض السور الطوال ، فإن قسما كبيرا منها كان ينزل على النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فيقرؤه للناس ، ثم تصير الأحداث التي ترتبط بآيات تلك السور ، أو ذلك القسم النازل ، ويتوالى حدوثها ، فينزل جبرئيل «عليهالسلام» مرة أخرى ، فيقرؤها على النبي ليقرأها هو «صلىاللهعليهوآله» على الناس ، ويظهر لهم إعجاز القرآن من حيث إخباره عن الأمور قبل حصولها بأيام ، أو بأشهر ، أو بسنوات.
وبعبارة أخرى : كانت السور ـ كسورة المائدة ، أو التوبة ، أو الأنفال مثلا ـ تنزل على النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فيقرؤها على الناس كلها .. ثم يحدث الحدث بعد شهر من ذلك ، مثل الذي جرى في حنين ، أو بدر ، فيأتي جبرئيل مرة ثانية ليأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بقراءة الآيات التي ترتبط بذلك الحدث ، والتي كانت قد نزلت قبله بأيام أو بأشهر ، فيعرف الناس كيف أن الله سبحانه وتعالى قد تحدث عن هذا الحدث قبل وقوعه ، فيتأكد عندهم : أن هذا القرآن هو من عند عالم الغيب والشهادة ، ويتلمسون صدق رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن هذا الطريق (٢).
__________________
(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.
(٢) وقد ذكرنا بعض الشواهد لهذا البحث في كتابنا : مختصر مفيد ج ٤ ص ٤٥.